إن الحاجة ماسة إلى أن يجتمع أهل السنة والجماعة تحت الراية الواحدة التي تجمعهم مهما اختلفت المسائل الفرعية التي تجمعهم عليها أصول متحدة، ومهما اختلفت اجتهاداتهم في الأمور العملية، ومهما اختلفت اجتهاداتهم في وسائل الدعوة إلى الله جل وعلا، ومهما اختلفت بلادهم وآراؤهم؛ فهذه القضايا ليست مدعاة إلى أن يتفرق أهل السنة والجماعة أما إذا كان الخلاف خلافاً عقدياً مبنياً على الأصول، فهنا الأمر لا شك أنه يستدعي توضيح الأمر، وألا يلتبس الحق بالباطل على الناس، أما أن نتخذ من هذه الخلافات الجزئية والفرعية التي لا تؤثر سبباً للتفرق والخصومة والتناحر، وأن ينشغل بعضنا ببعض، فهذا ليس من الحكمة التي أمر الله سبحانه وتعالى بها، هل من الحكمة أن ينشغل المؤمنون والدعاة والصالحون -مثلاً- بالخلاف حول سنه من السنن أو حول مسألة فقهية ويتركوا أمراً هم مجمعون على أنه خطأ حرام وباطل وضلال؟ هذا ليس من الحكمة.
لو سألت مؤمناً عن رأيه -مثلاً- من الفساد الأخلاقي الذي يجتاح المجتمعات الإسلامية؟ لمَّ رأسه، وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ولو سألته عن هذه المعاملات الربوية التي لوثت جيوب الناس وحياتهم؟ لما كان يخالفك على ذلك أي مسلم.
هناك أشياء كثيرة يتفق المؤمنون من أهل السنة والجماعة على أنها منكرات وأخطاء وضلالات، بل إن منها ما يتفقون على أنه كفر بالله العظيم، فلماذا لا يكون هناك تعاون في محاربة هذه الأشياء التي يتفق الجميع على أنها كفر أو باطل أو حرام؟ وهذا -أيضاً بطبيعة الحال- لا يعني أننا نحرم أو نمنع الكلام في الأمور الفرعية كما يفعله البعض، كلا! لا مانع أن يتحدث الإنسان في قضية فرعية أو جزئية، أو في سنة من السنن أو في مسألة خلافية ويبين الراجح ويبين المرجوح، بالأدلة، كل هذا لا مانع منه، لكن الشيء الذي أقصده ألا يتحول هذا الأمر إلى سبب يوجد عدم التعاون بين المؤمنين في أمور يتفق الجميع على أنها يجب أن تقاوم وتحارب.