إيجاد البديل عن أجهزة التلفاز في البيوت

والاقتراح الخامس والأخير: كثير من البيوت تشتكي من وجود أجهزة إعلام فيها كالتلفاز، والصحف، والمجلات، وربما الفيديو في كثير من الأحيان، وكثير من البيوت أيضاً بدأت تصحو على هذا الخطر وتدرك مغبة وجود مثل هذه الأشياء في متناول الشباب والفتيات -خاصة المراهقين-.

وقد تفلح بعض البيوت في إخراج هذه الأجهزة والتخلص منها، وهذا أمر حسن طيب لا شك فيه، ولكن بيوتاً أخرى ما زالت تبحث عن حل، ونحن نقول: إن من طبيعة النفوس ألا تترك شيئاً إلا لشيء، فلا بد أن نسعى دائماً وأبداً إلى إيجاد البديل؛ على سبيل المثال حين يكون عندك في البيت أطفال صغار من البنين والبنات تعودوا أن يجلسوا أمام ما يسمى بأفلام كرتون، أو غيرها من الأفلام المخصصة، أو الرسوم المتحركة أو سواها، وبذلك ينشغلون عن أهلهم، فلا يؤذون الوالدة، ولا يسببون إزعاجاً، ولا يتلفون الأثاث، ولا يعملون صراخاً في البيت؛ لأنهم جالسون مسمرون أمام ذلك الجهاز يشاهدونه فلا يحدثون شيئاً، فأنت بجهودك الطيبة قمت وأخرجت هذا الجهاز من المنزل وقد أحسنت صنعاً.

لكن ما الذي حصل؟ حصل أن هؤلاء الصغار صاروا يعيشون فراغاً، ليس لديهم وقت مشغول، فبدءوا يضربون هذا، ويكسرون هذا، ويحرقون هناك، وهذا باب كسروه، وهذا إناء حطموه، وهذا زجاج نثروه، حتى إن أهل البيت يتضايقون منهم، فربما تقوم الأم ولو كانت أحياناً فيها خير، تنادي وتقول: هاتوا لهم أي شيء يشغلهم عني، فهم أشغلونا ولم يتركوا لنا وقت لنعمل في المنزل، وما نصلحه نحن في يوم يفسدونه هم في ساعة، هذه الأطعمة نثروها هنا، وهذا السجاد قد أصابوه بما أصابوه به من المياه وغيرها، وهذه الجدران قد كتبوا عليها، وهذه المياه قد نثروها، وهاهنا أشياء كثيرة.

وبالتالي ربما تضغط الأم، أو يضغط الأب على الأولاد من أجل إعادة جهاز التلفاز إلى البيت لإشغال الأطفال، هذا أقل عذر ممكن أن يقال، والسبب هو: أنك اعتبرت أن مهمتك تنتهي بإخراج الجهاز، ونسيت أن مهمتك في الواقع تبدأ بعد إخراج الجهاز.

لأنهم أصبحوا يعيشون فراغاً الآن، فماذا أنت صانع لهم؟! هل خرجت بهم معك في السيارة في نزهة ولو بسيطة، ليس شرطاً أن تخرج بهم إلى البر البعيد، ولو ذهبت لمدة ساعة على سيارتك تريهم أماكن في البلد؛ وهذا المكان الفلاني وهذه الجهة الفلانية وهذا كذا وهذه المؤسسة الفلانية وتجعلهم يطلعون على بعض المعالم العادية في البلد لكان هذا عملاً طيباً، لو ذهبت بهم خارج البلد لمسافة كيلو متر واحد أو اثنين كيلو متر ولعبت معهم لعباً خفيفاً سريعاً كان هذا أمراً طيباً تشغل به بعض وقتهم، لو جعلت لهم درساً في المنزل لكان هذا الدرس بديلاً مناسباًَ، تجمع فيه الشباب الصغار من البنين والبنات وتجعل في الدرس آية من القرآن، وحديثاً من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، وقصة، وأنشودة، ومسابقة فيها جوائز، ومنافسة فيما بينهم، وتدريب على بعض العبادات: كيف تتوضأ؟ كيف تصلي؟ وأشياء تناسب عقول الأطفال، وتربيهم تربية سليمة وتملأ عليهم الفراغ الذي وجد عندهم بعد ما أخرجت هذه الأجهزة المدمرة من البيوت، لكان هذا أيضاً من الحلول، وهناك حلول أخرى أيضاً مثل وجود الألعاب، فهناك ألعاب مباحة تناسب الأطفال وهي كثيرة جداً، وأنت الآن في عصر تغيرت أوضاع الناس فيه إلى حد كبير، وما كان في الأمس ليس ضرورياً أصبح اليوم ضرورياً بالنسبة للكثيرين.

فينبغي أن تتفطن لذلك، فإيجاد بعض الألعاب للصغار في المنزل يتسلون بها شريطة ألا تكون ضارة بهم ولا تحدث لهم أثاراً جسمية، أو ما أشبه ذلك هذا أمر طيب، وفيه تسلية لهم وإشعار بأن هذا جائزة لهم أو هدية، وإشعار بأنك مهتم بأمرهم بحيث يحبونك ويمدحونك.

ومع الأسف إن بعض الشباب الصغار إذا كان في البيت شاب متدين قد يقولون: نحن لا نحب فلاناً، وقد يحدث ذلك، لماذا لا تحب فلاناً؟ قال: لأنه أخرج من عندنا التلفاز ولم يأتنا بشيء.

لكن لو أنك كنت تقدم لهم بعض الأشياء، وربما إذا أتيت في بعض الأحيان اشتريت لهم بعضاً من الحلوى، أو الكاكاو، أو غيرها أو خرجت بهم يوماً من الأيام، واشتريت لهم بعض اللعب، لا بد أنهم سوف يحبونك ويطيعونك ويعتبرونك مثلاً أعلى ويقدرونك، وهذا أمر مطلوب وهو من أهم وسائل القبول.

ومن ضمن الأشياء التي قد تعين على حل هذا الأمر: استخدام بعض أجهزة الكمبيوتر التي فيها برامج مفيدة: بعضها برامج مسابقات أو برامج علمية أو تربوية أو تدريس، أو غيرها من الأشياء المباحة العادية فهذه البرامج مع أنها ليست باهظة الثمن إلا أنها من الممكن أن تكون بديلاً عن جهاز التلفاز، وتشغل الأطفال عنه ولو لبعض الوقت، خاصة إذا وجد في البيت من يتابع مثل هذا الأمر، ويشتري لهم الجديد، ويقوم بعملية تبادل مع الآخرين الذين قد يوجد عندهم برامج أخرى.

وأخيراً: فإن من الأشياء التي ينبغي أن يتفطن لها: إيجاد مكتبة صغيرة في البيت؛ مكتبة منزلية وهذه المكتبة تحتوي على مجموعة من الرسائل الصغيرة التي تخاطب المرأة المسلمة، أو تخاطب الطفل المسلم، مجموعة من القصص، وأحاديث مختارة، وأناشيد إسلامية، إضافة إلى مجموعة أخرى من الأشرطة الإسلامية- الأشرطة المتعلقة بالمرأة المسلمة، وأشرطة للأطفال، وأيضاً بعض الأناشيد الإسلامية التي ليس فيها محظور، وبعض المسابقات ولا مانع أن يكون فيها بعض الطرائف والأشياء التي تناسب عامة الناس.

وبالنسبة للكتب فقد اقترح عليَّ بعض الإخوة أن أقدم لكم مجموعة من أسماء الكتب ولكن في الواقع أن وقتي لم يسمح بكتابة هذه الكتب والأشرطة، فمبدئياً أرشح لكم فيما يتعلق بالكتب؛ الكتب والرسائل التي أصدرتها دار الوطن، فإن هذه الكتب والرسائل كلها كتب ورسائل مختارة صغيرة وهي منوعة فيها كتب خاصة بالمرأة والفتاوى، وفيها كتب للشباب، وكتب للمجتمع، وفيها ألوان من الفواكه العلمية التي يمكن الاستفادة منها.

أما بالنسبة للأشرطة فأيضاً يوجد لدى أصحاب محلات التسجيلات قوائم بالأشرطة المخصصة للمرأة، فمن الممكن للشاب أو للأب أو للولي أو للمرأة أن تطلبها وترسل أحداً لاستلامها ثم تختار منها ما يناسبها وتضعها في المنزل، وبعد فترة يتم تجديد هذه المكتبة بإضافة كتب وأشرطة جديدة مما جد في الساحة إليها مع العناية بها.

وأرجو أن تلقى هذه الاقتراحات -إن شاء الله- منكم قبولاً حسناً، وأن تحسنوا ضيافتها، وكما أحسنتم الاستماع إليها فإني أطمع منكم أيها الأحبة أن تحسنوا تطبيقها والعمل بها.

أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر:18] وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015