هذا سؤال لابد أنه سيطرح، وسيتساءل عنه الكثيرون، فأقول لكل من يسأل: والله الذي لا إله غيره، إنني لا أعلم تهمة إلا أننا نتحدث وفق القناعات الشرعية المتكونة لدينا بالصورة التي لا بد أن أكثر أو كل من سمع هذا الشريط ربما سمع شيئاً منها قل أو كثر نتحدث في توجيه الأمة، وقضاياها، ونحاول أن نكون مدافعين بقدر ما نستطيع، نعم.
أصواتنا ضعيفة، وكلماتنا قليلة، لكن نحاول أن نكون مدافعين عن بعض حقوق الأمة، ونحاول أن نصحح ما يمكن تصحيحه، وأن ندافع عقاب الله وعذابه الذي لا بد أن ينزل بهذه الأمة إذا لم تستدرك نفسها وتصحح أوضاعها، لأن هذا هو الناموس، والسنة الإلهية.
والعذاب الإلهي ليس شرطاً أن يكون ناراً تنزل من السماء، أو بركاناً يخرج من الأرض، بل قد يكون أزمة اقتصادية تخنقنا، وأنتم تسمعون التقارير في الشرق والغرب الآن عن الأوضاع المتردية لدول الخليج واقتصادها، وربما يتضرر الصغار قبل الكبار.
قد يكون العذاب الإلهي أن يلبسنا الله شيعاً ويذيق بعضنا بأس بعض، فيسلط بعضنا على بعض، فنعود كما كنا أمماً وشعوباً وأحزاباً بدلاً من أن تتعارف وتتآلف وتتآخى في إخاء الدين والإيمان والإسلام؛ وتتحول إلى أمم يحارب بعضها بعضاً، ويبغض بعضها بعضاً.
وقد يكون العقاب الإلهي شيئاً آخر لا يخطر في بالنا الآن ولا نتصوره، لكن قد يسلط الله علينا عدواً من سوى أنفسنا يأخذ بعض ما في أيدينا -كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم- إذا وقعت المنكرات والمعاصي ولم يوجد من ينكرها أو يغيرها.
إن المنكرات المعلنة لا بد أن تنكر بصوت جهوري علناً؛ حتى يعلم الناس أن الدين لا يرضى ذلك ولا يقره، وأن أهل الدين لا يتحملون مسئولية هذه الأشياء، ولا يتحملون مسئولية الظلم الذين يقع -مثلاً- أياً كان مصدره أو أياً كان موقعه، ولا يتحملون مسئولية مصادرة حقوقهم الخاصة، ومسئولية الحيلولة بينهم وبين مالهم من الفرص والوظائف والأعمال والحقوق، فلابد أن يكون الإنكار علانية في هذه الأمور المعروفة المشهورة التي لا تخفى على أحد كائناً من كان.
ولذلك لما استدعينا إلى وزارة الداخلية قبل سنة، أنا وفضيلة الشيخ سفر بن عبد الرحمن الحوالي وكتبنا خطاباً للشيخ عبد العزيز بن باز، لم يكن هناك من أمر يوجه إلينا، إلا أننا تكلمنا مرة عن الربا وأنكرناه، وتكلمنا مرة عن السلام مع اليهود واستنكرناه، وتكلمنا مرة عن بعض المظالم الاجتماعية الموجودة وأنكرناها، ومرة عن تسلط بعض الأجهزة على الناس وأنكرناها، وعن حقوق المسلمين وما لهم، وأنه لا يجوز ترويعهم ولا أذيتهم، وما أشبه ذلك من الأمور التي جاء بها الدين ولا ينكرها أحد من العقلاء، هذا هو ما اتهمنا به.