نفي السمي عن الله

ومن ذلك قوله جل وعلا: {فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} [مريم:65] وهذه الآية في سورة مريم، وفيها أمر الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم؛ بأن يعبد ربه ويصبر على عبادته: {وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ} [مريم:65] ثم قال: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} [مريم:65] وهذا سؤال واستفهام، ما هو المقصود من هذا الاستفهام؟ المقصود منه الإنكار، فهو استفهام إنكاري، استفهام بمعنى النفي أي: لا سمي له.

والسمي يحتمل أكثر من معنى، فيحتمل أن يكون المقصود: أنه ليس له من يماثله في اسمه حقيقة، وهذا لا شك فيها؛ فإن الله تعالى له الأسماء الحسنى والصفات العلى، وإن وجد من المخلوقين من يسمى ببعض أسمائه جل وعلا؛ فإن الفرق بين الاسمين مما لا يحتاج إلى بيان، فهو كالفرق بين المخلوق والخالق، ليس بينهما تماثل ولا تقارب إلا في أصل المعنى.

فمثلاً: إذا وصف العبد بالكرم، ووصف الله تعالى بالكرم، فالعبد قد يوصف بأنه كريم فيقال: فلان كريم، والله تعالى كريم، فأي تماثل أو تشابه بين هاتين الصفتين، أما كرم العبد فهو أنه قد يعطي من ماله، وهذا المال الذي عنده إنما هو في الحقيقة من مال الله قال الله: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ} [النور:33] وقد يعطي الدرهم أو الدرهمين أو الدينار أو الدينارين، فإن كان بالغاً في الكرم مبلغه تخلى عن ماله، وهذا لا يحصل إلا للنوادر الذين يتحدث عنهم في التاريخ.

أما الله جل وعلا فإن كرمه شامل للدارين، وكل كرم في المخلوقين فهو من كرمه سبحانه وتعالى، فإنه هو الذي جَبَلَ عباده على هذه الصفات، وهو الذي أعطاهم ما يجودون به على الناس.

والحمد لله رب العالمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015