ولذلك نص جماعة من أهل العلم كما ذكر ابن القيم رحمه الله في "بدائع الفوائد": أنه لا يجوز إطلاق هذا اللفظ على غير الله جل وعلا، فلا يجوز أن تقول مثلاً: تبارك فلان، ولا يجوز أن تقول: تباركت الدار، وإن كان هذا موجوداً عند العامة، فإذا جاءهم أحد في البيت قال أحدهم: البيت يتبارك بدخولك يا فلان، أو السيارة تباركت بركوبك فيها، من باب الكلام الطيب والمجاملات -لا أقول أنه طيب لأنه ممنوع- لكن من باب المجاملات التي يتداولونها فيما بينهم، وإذا كثر الشيء عندهم وطال، قالوا: تبارك هذا الشيء من الطعام أو غيره، وقالوا: هذا الطعام -ما شاء الله- تبارك.
وأصلاً تبارك؛ تعني أن البركة من عنده هو، أما إذا كانت البركة من غيره -كما هي الحال بالنسبة للطعام أو الدار أو السيارة أو سواها- فإنه لا يقال: تبارك، ولكن يقال: بورك فيه: لأن البركة ليست من عنده وإنما هي من عند الله تعالى، ولهذا لا يقال: تبارك الشيء، إنما يقال: {تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:54] .
وقوله: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ} [الرحمن:78] هذا ثناء على الله تعالى وعلى اسمه الكريم بالجلال والعظمة والكبرياء والإكرام، الذي هو تنزهه جل وعلا عن كل صفة من صفات النقص والعيب، أو تكريمه تعالى للطائعين في الدنيا بالسعادة، وفي الآخرة برضوانه والجنة، فهو عز وجل كريم، ومن صفاته الكرم والإكرام أيضاً، فهو يكرم عباده دنياً وأخرى متى أطاعوه والتزموا أمره.