الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وصلى اللهم وسلم وبارك على عبده ورسوله خاتم النبيين وآله وصحبه والتابعين.
قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة:22-23] وقوله: {عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ} [المطففين:35] وقوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس:26] وقوله: {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق:35] .
في هذه الآيات الكريمات استرسل المصنف رحمه الله تعالى في ذكر الآيات المتعلقة بالرؤية وإثبات الرؤية لله عز وجل والبصر، وأن من أسمائه السميع البصير، ثم عقبها بالآيات المتعلقة بالكيد والمكر والمحال وما أشبه ذلك.
فمن الآيات المتعلقة بالرؤية قوله عز وجل: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق:14] وهذه الآية في سورة العلق، وهي خطاب لـ أبي جهل وأمثاله من المشركين، الذين كانوا يمنعون المؤمنين من الصلاة وينهونهم عنها ويتهددونهم بها.
فقال الله عز وجل: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْداً إِذَا صَلَّى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق:9-14] .
وهذا تهديد ظاهر؛ لأن ذكر الرؤية في هذا السياق يوحي بما بعدها من الأخذ بالعذاب في العاجل والآجل، فإن إخبار الكافر أو المنافق بأن الله تعالى يراه، هو تهديد له، أي: إن ما تعمله هو مرئي لنا وأنك محاسب عليه، كما أن إخبار المؤمن أو المجاهد بأن الله تعالى يراه؛ هو تأييد له بأن الله تعالى معه ويراه ومناصره ومجازيه على عمله، فقوله عز وجل لـ أبي جهل هنا: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق:14] .
أي: يرى ما يعمل من الاستهزاء بالمؤمنين ومحاربتهم ونهيهم عن الصلاة واضطهادهم على فعلها، وأنه عز وجل سوف يأخذه بهذا العمل؛ ولهذا ختم السورة بقوله: {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَة * فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} [العلق:15-18] .