أطراف الصراع في هذه الأمة

وبعد بعثة النبي الخاتم عليه صلاة الله وسلامه انحصرت الخصومة بين أتباع النبي صلى الله عليه وسلم وبين أعدائه، فالنبي عليه الصلاة والسلام كان له أعداء كثيرون في الحياة، من المجرمين، من الأكابر، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [الأنعام:123] وما أبو جهل وأبو لهب وعتبة وشيبة وغيرهم إلا أمثلة ونماذج لأعداء الرسل عليهم الصلاة والسلام، ثم الذين يحاربون دعوته صلى الله عليه وسلم عبر العصور، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وبالمقابل بعد وفاته صلى الله عليه وسلم أصبح أولياؤه هم العلماء الذين ورثوا هديه وتراثه؛ ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم: {إن العلماء ورثة الأنبياء} وكلذلك بيّن الله سبحانه تعالى قبل ذلك أن هذه الأمة سيوجد فيها من يحمل الرسالة، فلا تعني وفاته الرسول صلى الله عليه وسلم سقوط الراية، الراية كلما جاء جيل، قيض الله تبارك وتعالى بين هذا الجيل من يحمل الراية، ويقيم الحجة على هذا العصر، ولهذا يقول الله جلّ وعلا في محكم التنزيل: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف:181] .

وبصورة أخص: تحدّث الرسول عليه الصلاة والسلام عن اسم خاص لحملة الهدي النبوي الذين يخلفون الرسول صلى الله عليه وسلم، ليس في الإسلام فقط، وليس في الالتزام بالسنة فقط؛ بل بالدعوة إليها والقيام عليها والصبر، ودعوة الناس إلى ما كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام، وكان الاسم الخاص الذي ميزهم الرسول صلى الله عليه وسلم هؤلاء به هو أنه ميزهم بالطائفة المنصورة، وهذا اسم جليل عظيم تهتز له القلوب، وتستبشر له النفوس.

وفي حديث متواتر يقول صلى الله عليه وسلم: {لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين منصورين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس} أمة يهدون بالحق وبه يعدلون وهؤلاء يقابلهم أعداء الرسل ويحاربونهم ويضعون في طريقهم الأذى والشوك؛ فلا يضرونهم إلا بالتعب والجهد واللأواء، وهذه خصومة طبيعية؛ لكن الطريق ماض، والقافلة مستمرة لا يمكن أن يؤثر هؤلاء فيها توقفاً، قال الله تعالى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُون} [آل عمران:111] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015