Q يقول: إن العز بن عبد السلام كان الناس كلهم معه، ولكن المسلم اليوم والداعية قد لا يجد من يؤيده إلا القليل من الناس!
صلى الله عليه وسلم هذا من جهة صحيح، ولذلك أقول كما قال الشاعر لما نسبوه إلى الجبن وأن موقفه كان موقفاً غير شجاع في المعركة قال: ولو أن قومي أنطقتني رماحهم نطقت ولكن الرماح أجرّتِ أي لو أن من خلفي رجال شجعان أقوياء؛ لتشجعت، لكن الذين خلفي كانوا نساءً وأشباه رجال، ولذلك انسحبت من المعركة، هذا معنى كلام الشاعر، لكن نأتي للسؤال: لماذا لا تقف الأمة مع العالِم الآن؟ صحيح، نحن نقول: يجب أن تقف الأمة معك -أيها الداعية، أيها المصلح- إنما يجب أن تسأل نفسك السؤال: لماذا لم يحصل هذا؟ فليس صحيحاً أن نلقي بالمسئولية على الآخرين -دائماً- ونخرج نحن أبرياء، لا، ينبغي أن نسأل أنفسنا: ما هو السبب في انفصال الأمة في كثير من الأمصار والأقطار عن علمائها؟ والأسباب واضحة فلا بد للعالم أن يكون مع الأمة، وأن يكون الدفاع عن مصالح الأمة هو همه الأكبر، فـ ابن تيمية رحمه الله، لماذا كان بتلك المكانة؟ لأنه كما يقول الذهبي في ترجمته، أما العامة فكان منتصباً لخدمتهم ليلاً ونهاراً بلسانه وقلمه، يحاول أن يقضي حقوق الناس، ويدافع عن مصالحٍ يحميهم، وبذلك تحس الأمة فعلاً بأهمية هؤلاء الناس؛ لأن الناس -مهما كان الأمر- مرتبطون بدنياهم، هذا جانب.
والجانب الآخر: الاستعلاء عن الدنيا بالكلية ومحاولة التخلي عن الدنيا، حتى يدرك الناس أن هذا العالم إنما يريد الله والدار الآخرة لا يريد علواً في الأرض ولا فساداً.
الجانب الثالث: المواقف الشجاعة، فالناس يعجبون بالشجاع، والسيف البتار يثني عليه الجميع، والرجل للمواقف القوية وكلمة الحق، والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر يتناقل الناس أحاديثه وأخباره.
ولذلك قيل قديماً: إن الناس قلوبهم مع علماء الحق ولو كانت سيوفهم مع أمراء الباطل، أي ولو بالقوة قاتل مع فلان إلا أن قلبه مع العالِم، والأمة مهما كان الأمر لا قوام لها إلا بعلمائها.