الضعفاء هم أتباع الأنبياء

وكذلك بين النبي صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء الضعفاء هم أتباع الأنبياء، وأن أكثر أتباع الأنبياء منهم، فأي نبي يبعث إنما يتبعه ضعفاء الناس، ومن ذلك النبي عليه الصلاة والسلام كما في حديث ابن عباس قال: {فضعفاء الناس اتبعوه أم كبراؤهم؟ قال: بل ضعفاؤهم} وقال عليه الصلاة والسلام: {ابغوني ضعفاءكم، فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم بدعائهم واستغفارهم} فالضعيف يدعو فيستجاب له، ويستغفر فيغفر له، ويستنصر فينصر، لأنه صاحب قلب منكسر، وصاحب عين دامعة، وصاحب نفس بعيدة عن التكلف، وبعيدة عن الغلو، وبعيدة عن الكبرياء والتعاظم والجبروت والغرور الذي يصيب أهل المنازل العالية من الدنيا عادة، فالضعيف سالم ناجٍ من هذه الأشياء إلا ما ندر، ولهذا ذكر النبي عليه الصلاة والسلام في بعض الأحاديث ثلاثة أنواع ممن لا يكلمهم الله، وذكر منهم: {عائل مستكبر} ومعنى عائل أي: فقير، ومع ذلك مستكبر، لأن الفقر يناسبه عادة التواضع، فإذا صار مع فقره مستكبراً، دل هذا على فساد في طبعه، ورداءة في خُلقه، ولهذا كان من أهل النار والعياذ بالله تعالى.

وقد عاقب الله عز وجل بني إسرائيل -كما في الحديث الصحيح- بالهلاك؛ لأنهم كانوا يعاملون الضعيف معاملة، ويعاملون القوي معاملة أخرى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الضعيف قطعوه، وإذا سرق فيهم الشريف، تركوه، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت، لقطع محمد صلى الله عليه وسلم يدها} .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015