وصلتني عدد من الأوراق، تتحدث عن مسألة البث المباشر، وهو أحد الأخطار الداهمة الآن، فقد أصبحنا نرى ونشاهد في عدد من المدن في هذه البلاد، تلك الأقراص التي تستقبل القنوات الفضائية العالمية، وأصبحنا نقرأ في الصحف دعايات لها، وعلى سبيل المثال: هذه إعلانات وزعت على بعض المساكن، فهذا إعلان وزع في جدة، عن أمر يتعلق بالاشتراك في أشرطة الفيديو، اشتراك شهري في إحدى المحلات، ومدة الفيلم محدودة وقصيرة، مقارنة بمدة البحث عن المحطات الفضائية، بالإضافة إلى البرامج الثقافية والتعليمية الغير متوفرة في الفيديو، فيدعون -بناءً عليه- إلى الاشتراك أو تركيب هذه الإيريلات، التي تستقبل القنوات المصرية، أو قناة تلفزيون الشرق الأوسط Mرضي الله عنهC أو القناة الأمريكية، أو حتى القنوات الفرنسية أو غيرها.
وهذا أيضاً مثله عرض خاص من أحدى المؤسسات، عن رغبتها في بث القنوات الفضائية، القناة المصرية والـ Mرضي الله عنهC وغيرها، مقابل رسوم اشتراك، قدرها مائة ريال فقط للشهر الواحد، وهناك مغريات كثيرة، ما عليك إلا الاتصال والاستفسار.
ومئات الأوراق في الحقيقة من هذا القبيل، سبق أن جاءتني في أوقات شتى، وهذا خطر ينبغي أن يقوم أهل العلم والدعوة إلى الله -بل عامة الناس- بمحاربته، بل بلغني أن بعض أصحاب محلات صناعة الألمنيوم، يقومون بصناعة هذه الأقراص وإعدادها وتجهيزها وتركيبها، وبعضهم يعلنون أن لديهم مهندسين مختصين وفنيين، يمكن أن يقوموا بمثل هذه العمل.
ونحن نقول -حتى أرد على اعتراض البعض الذين استغربوا مثل هذه الحملة- أقول: نحن لا نشك أنه تأتي في مثل هذه القنوات أخبار، وتأتي أحياناً أخبار مصورة، ويأتي أخبار قد لا يمكن أن تصل عن غير طريقها، لكن كم عدد الذين يهتمون ويتحمسون لمثل هذه الأمور، من الناحية الأخبارية والناحية العلمية والتثقيفية ومتابعة ما يجد؟ أقول: إنه في مجتمعنا عدد قليل؛ لأن مجتمعنا -مع الأسف الشديد- لا يزال أقل بكثير مما هو مطلوب في حجم المتابعة والاهتمام بأمور المسلمين، فضلاً عن أن يكون مهتماً بالأحوال العالمية.
وإنما نجد الكثيرين من أفراد المجتمع، قد يكون لديهم -خاصة من الشباب المراهقين- اهتمام أكثر بمشاهدة ما يعرض، مما يخل بالدين والأخلاق والحياء، ومما لا يمكن مشاهدته في التلفزيون أو في أشرطة الفيديو، فما هو الشيء الذي لا يعرض في التلفزيون أو لا يعرض في أشرطة الفيديو؟ إذا كنا نعلم يقيناً وقطعاً أنه في التلفزيون يعرض، وفي أشرطة الفيديو أيضاً يعرض -وبدون مبالغة- امرأة ليس عليها ما يسترها إلا ما يستر سوءتها فقط، وربما ظهر أحياناً على الشاشة رجل كما ولدته أمه، وهو يركض على مرأى من الناس كلهم.
إذا كان هذا يعرض -أحياناً- وفي أشرطة الفيديو يعرض الشيء الكثير من ذلك، من الرقص ومن الفساد، بل ومن شرب الخمور وغيرها، فلم يبق إلا ما هو أشد وأنكى من ذلك، ونحن نربي ونشفق على قلوب شبابنا وفتياتنا أن يسمروا عيونهم بمثل هذه الشاشات، التي لن يجني من ورائها إلا الشر للأمة والمجتمع.