وأقول: إن هذه الحقيقة المرة لا بد أن يسمعها الجميع؛ لأن اعتقاد السحر والجن والعين لا ينتهي عند مجرد الاعتقاد، بل يترتب عليه عدد من المفاسد العظيمة، فمن المفاسد التي تترتب عليه: الأمر الأول: ظلم الناس.
فيقولون: سحرتها فلانة، ويسمون امرأة بعينها، أو يقولون: أصابتها فلانة بعينها، جارتها أو قريبتها أو زميلتها؛ لأنها غبطتها على ما رأت، أو فلان عانها أو سحرها، لأنه خطبها فرفضت فهذا من الظلم، والله تعالى لا يحب الظالمين، وهو من الظلم لعباد الله.
الأمر الثاني: إتيان الكهنة والعرافين؛ وكثير من الناس خاصة النساء، تذهب إلى الكهنة والعرافين؛ إما ليصرفوا قلب زوجها إليها، أو لتعرف ماذا أصابها، وفي صحيح مسلم عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من أتى عرافاً، فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة} من أتى عرافاً، أي: رجل أو امرأة، فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة.
هذا ولو لم يصدقه، أما من أتاه فصدقه بما يقول، فوعيده أعظم من ذلك.
ولذلك روى أصحاب السنن، وأحمد، والحاكم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من أتى كاهناً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم} .
وفي رواية: {فقد برئَ مما أُنزِلَ على محمد صلى الله عليه وسلم} .
والعراف هو: الذي يدعي معرفة علم الغيب، فيقول: فلانة أصابتها فلانة، وفلانة وضع لها سحر في مكان كذا إلى غير ذلك.
وبالمناسبة: لابد من إعلان الحرب على السحرة والعرافين والكهنة الموجودين اليوم في مجتمعنا، ويتصل كثيرون فيخبرون عنهم، ولا بد من فضح هؤلاء، ورفع أمرهم إلى أهل العلم والدعاة والمشايخ، فإن أمكن الاستعانة بالجهات الرسمية في إيقافهم عند حدهم، ومنعهم من العبث بالمجتمع، ونهب أموال الناس بالباطل فُعِلَ، وإن لم يمكن، فعلى أقل تقدير أن يفضحوا، ويبين أمرهم للناس ليتجنبوهم.
الأمر الثالث: من مفاسد الاعتقاد بأن ما حصل بين الزوجين سببه العين أو السحر مثلاً: ضياع المال؛ فإن كثيرين ممن يدعون القراءة على الجن ويأخذون أموالاً، ثبت أنهم كذبة متأكلون، يضحكون على عقول السذج والمغفلين، ويدَّعي الواحد أن هذا فيه جني، وأن الجني تكلم على لسانه وهو كاذب، أقول: ثبت لي هذا في عدد من هؤلاء، وليس هذا في الجميع، فلا شك أن هناك من أهل الخير والعلم والذكر والإيمان من قد يقرأ على المصروع، وقد ينطق الجني على ما هو معروف، لكن إثبات حالة من هذه الحالات أمر يحتاج إلى تثبت وتيقن، بل بعض هؤلاء يأكلون أموال الناس بالباطل، أما السحرة فحدث ولا حرج، فقد يطلب من الإنسان خمسة آلاف ريال، أو عشرة آلاف ريال قبل أي شيء.
الأمر الرابع: أن هذا يجعل الزوجين يعرضان عن الأسباب الحقيقية، فقد يكون سبب ما جرى تقصيراً من أحد الزوجين، فلا ينشط لدفع هذا التقصير، ولا لمعرفة السبب الحقيقي وإزالته؛ لأنه اعتقد واعتمد على أن الأمر لا يعدو أن يكون جناً أو سحراً أو عيناً أو ما أشبه ذلك، ثم إنه ليس من مصلحة الزوجين أن يعقدوا المسألة بهذه الطريقة، ويجعلوها بهذه الصعوبة، فيقول: القضية سحر أو جن.
هذا تعقيد وتصعيب للأمر، ولو قلنا: إن القضية لا تعدو أن تكون سوء تفاهم بين الزوجين، لأمكن حله عن طريق بعض التعليمات والتوجيهات وبعض النصائح، وغير ذلك من الأمور التي ربما يمر شيء منها.
فعلى كل حال لو فرض أن الأمر وصل إلى ما وصل إليه، فيجب على الإنسان أن يؤمن بأن الخير فيما يختاره الله تعالى له قال الله تعالى: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء:19] ولا يليق بالمسلم ولا بالمسلمة أن يذهب إلى أحد لكي يضيع دينه في سبيل عرض من الدنيا قليل.