جلسة الاستراحة

عاشراً: يسجد السجدة الأخرى أو الثانية كالسجدة الأولى، ثم يقوم بعد السجدة الثانية إلى الركعة الثانية، وإن جلس قبل أن يقوم للركعة الثانية جلسة خفيفة فهذا حسن، وهذه الجلسة تعرف عند الفقهاء بجلسة الاستراحة، وقد جاء فيها أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، منها حديث مالك بن الحويرث في صحيح البخاري: {أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فإذا كان في وتر من صلاته -في وتر، أي: إذا انتهى من الركعة الأولى أو انتهى من الركعة الثالثة- لم ينهض حتى يستوي قاعداً} وهذا الحديث حديث مالك بن الحويرث هو أشهر حديث في الباب كما قال الحافظ ابن حجر، ومن ميزاته أنه لم يرد إلا على هذه الصورة، فكل أحاديث مالك بن الحويرث فيها ذكر هذه الجلسة الخفيفة بعد الركعة الأولى وبعد الركعة الثالثة، وقد جاء أيضاً حديث أبي حميد الساعدي في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: {ثم يرفع من السجود ثم يقول: الله أكبر ثم يثني رجله فيقعد عليها معتدلاً} وهذا اللفظ رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وحديث أبي حميد جاء فيه رواية أخرى سكت عن جلسة الاستراحة، وجاء في رواية ثالثة نفى أن يكون جلس، قال: {ثم يقوم ولا يتورك} ومثله أيضاً في حديث أبي هريرة في قصة المسيء صلاته وأن النبي صلى الله عليه وسلم جلس تلك الجلسة، وقد رواه البخاري بالأوجه الثلاثة، فمرة ذكر هذه الجلسة الخفيفة، ومرة سكت عنها، ومرة ذكر ما يدل على أنه تركها، ومثله أيضاً حديث رفاعة بن رافع في قصة المسيء صلاته.

وقد اختلف أهل العلم كثيراً، فقال بعضهم: من السنة أن تجلس هذه الجلسة الخفيفة، وقال بعضهم: مكروه، وقال بعضهم: يفعلها للحاجة، والأولى والأقرب والله أعلم أن يفعلها تارة ويتركها تارة جمعاً بين النصوص، وهذا ما كان يفعله الإمام أحمد، كما في كتاب: مسائل الإمام أحمد لـ ابن هانئ فإنه قال: كان يفعلها مرة، ويتركها مرة، وفي ذلك جمع بين الأقوال، ولو حافظ الإنسان على هذه الجلسة لم يكن عليه من حرج أو بأس إذا اعتقد سنيتها، لأن أمامه أدلة قوية، وأمامه علماء جهابذة عظام قالوا بمشروعية هذه الجلسة في كل حال وعلى الإطلاق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015