كثرة طرق الخير المفتوحة لأبناء الجزيرة العربية

يا أهل الجزيرة العربية! إن العالم يتعطش إلى ما عندكم من الهداية والنور، فأين أنتم من ذلك؟ أين مؤسساتكم الإعلامية التي تقدم الإسلام للناس؟ أين استخدامكم لتقنية العصر في نشر الشريعة التي ائتمنكم الله تعالى عليها، والترويج للعقيدة التي لا يملكها أحدٌ في الدنيا إلا المسلمون؟ أين ما وهبكم الله تعالى من الثروات والخيرات أين أنتم عن تثميرها فيما يحب الله ويرضى من المجالات الخيرة دنيوية كانت أو أخروية؟ فإن مجال الاستثمار واسع كبير، فهناك الاستثمار في الدعوة، والاستثمار في الإعلام، والاستثمار في التعليم -وهو نافع في الدارين- والاستثمار في الإغاثة، والاستثمار في المجالات الإنسانية.

بل أين حدبكم على إخوانكم المسلمين الضعفاء، والفقراء والمحتاجين، والأرامل، والشباب الراغبين في التزويج، وأصحاب الديون، ومن طحنتهم المشكلات والكوارث؟ أين أنتم عن إخوانكم؟ وأخاطب على سبيل الخصوص أهل القدرة، وأهل التنفذ، وأهل الغنى، وأهل الثراء، فإن لله تعالى حقوقاً كبيرة فيما أخذوا، والله تعالى سائلهم عن ذلك في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

يا شباب الجزيرة العربية! يا نور الدنيا! يا بهجة الأيام! يا أمل المسلمين المشرق في مشارق الأرض ومغاربها! أين أنتم من ميدان الدعوة الواسع الرحب؟ أين أنتم عن الشعوب الإسلامية التي انفتحت عليكم، وبسطت ذراعيها تقول لكم: هلموا، تعالوا، لكن برفق وطواعية وهدوء وسعة بال، قدموا لنا هداية الله، هداية السماء، هداية القرآن؟ أين أنتم عن الثكالى والأيامى واليتامى والأرامل، الذين يستنجدون بكم ويستصرخون، في البوسنة، وفي الصومال، وفي طاجكستان وفي كل مكان؟ يا شباب الجزيرة المتوقد القوي الطموح! أين أنتم عن ميادين الجهاد في سبيل الله؟ تقدمون أرواحكم رخيصة ومن الذي باع الحياة رخيصة ورأى رضاك أعز شيء فاشترى هذه ميادين الجهاد قد فتحت لكم أبوابها في بلاد كثيرة، فسارعوا إليها، فإن الجنة يوجد ريحها من دون تلك الديار يا شباب الجزيرة العربية! أين وحدتكم؟ أين كلمتكم الواحدة؟ أين قلوبكم المتآلفة؟ أين أفكاركم النيرة المتطلعة؟ أين انتظاركم لنصر الله تعالى وإعزاز الدين وتمكين المسلمين؟ يا شباب الجزيرة: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً} [التوبة:38-39] .

يا شباب الجزيرة! اتقوا الله تعالى في دينكم وفي أمتكم، أفلحوا في تقديم الإسلام للناس بصورة صحيحة، حسنوا أخلاقكم، ابتسموا في وجوه الآخرين، تلطفوا معهم، اصبروا، حاوروهم بهدوء، لا تتعجلوا، لا ترفعوا أصواتكم، تجنبوا الغضب والانفعال والاتهام ورمي الآخرين بما هم منه براء، واحرصوا أن تكونوا صورة مشرقة للدين الذي تحملون، والعقيدة التي تعتقدون.

يا أهل الجزيرة! ويا شباب الجزيرة! ويا رجال الجزيرة! إنني أقول لكم: إنه ليس من المصلحة في شيء أن يظلم بعضكم بعضاً، أو يخطئ بعضكم على بعض، أو يعتدي بعضكم على بعض.

إن الأساليب الشديدة لا تثمر إلا شدة، وإن الناس يحتاجون إلى الحوار الهادئ، وإلى النقاش، وإلى الصبر، وإلى طول البال، وإلى سعة الأفق.

فأسال الله تعالى أن يعيد لأهل هذه البلاد ما كانوا عليه أيام العز من الرفعة والتمكين، وأن يوحد كلمتهم على الحق، فلا يكون بينهم من يعتزي بعزاء الجاهلية، لا إلى قبيلة، ولا إلى منطقة، ولا إلى طبقة، ولا إلى أسرة، وإنما وحدهم الإيمان والتقوى، وأما النسب فهو للتعريف فحسب (لِتَعَارَفُوا) .

وأسأل الله تعالى أن يكتب على أيدي أبناء هذه الجزيرة خيراً كثيراً، وأن تتحسن الصورة المشوشة التي يحملها عنهم الكثيرون من الكفار، بل والكثيرون من المسلمين أيضاً.

فربما ظن الكثيرون أنكم مستكثرون بما عندكم من المال، أو مغترون بذلك، أو أنكم تشعرون بالرفعة والفوقية، ولم أشأ أن أتحدث عن هذه النقطة لأنها مجال الحديث ضمن الموضوع الذي وعدتكم فيه في البدايةن وهو موضوع: العُقَد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015