الولاء والبراء عند عوام المسلمين

أقول أيها الأحبة: حتى لو أنك أتيت إلى جمهور المسلمين -اذهب إلى أي بلد إسلامي- إلى الجمهور فقط، لا تذهب إلى العلماء، والفقهاء، والمختصين، اذهب إلى العامة -العوام- اجلس معهم، انظر إلى كثير من هؤلاء، قل لهم: ما رأيكم في النصارى؟ ما رأيكم في اليهود؟ ما رأيكم في الشيوعيين؟ تجد كثيراً من عوام المسلمين اليوم، أصبحوا يجهلون وجوب عداوة الكفار والبراءة منهم، والولاء والبراء لا يعرفونه.

بل قد تجد المسلم يعيش إلى جنب اليهودي، وإلى جنب النصراني، والمشرك، والشيوعي، سواء بسواء، وتحت سقف واحد، يأكلون طعاماً واحداً، ويشربون ماءً واحداً، وبينهم من الألفة والمودة الشيء العظيم، كأنهم إخوة، حتى عوام المسلمين اليوم ضاعت منهم معاني الولاء والبراء، وفقدوا إحساسهم بالتميز بالدين، فلا عبرة بكون عوام النصارى -مثلاً- في أمريكا، وأوروبا وغيرها، أصحبوا لا يحملون عداوة صارخة واضحة للمسلمين، هذا صحيح، فقد يوجد في طبقات منهم، لكن العبرة بأمور: أولها: أن هناك قيادات مستفيدة، تحرك هؤلاء الناس، مثلما كان القسس والرهبان يحرضون أوروبا، أيام الحروب الصليبية، ويحركونها لتأتي لغزو المسلمين، كذلك يوجد في كل عصر، وفي كل زمان، وفي كل مكان زعماء دينيون، وزعماء سياسيون، وزعماء اجتماعيون، إذا جاء وقت الحاجة حركوا عواطف الناس، وحرضوهم وجمعوهم على العداء، والكراهية، والبغضاء للمؤمنين والمسلمين، هذا جانب.

الجانب الثاني: أن هؤلاء الدهماء والعوام من الناس، وإن كان عداؤهم وبغضهم للإسلام مستخفياً، إلا أنه قابل للتحريك في أي وقت.

ولذلك قد تجد -بالنسبة للمسلمين- مسلماً لا يصلي، ولا يصوم، ولا يحج البيت الحرام، وليس عنده خوف من الله عز وجل، لكن لو حصلت حرب بين قبيلة من المسلمين الذين يعيش بينهم، وبين قبيلة أخرى من الكفار، تجده يخوض المعركة مع قومه من المسلمين، إما بالحمية، وإما بالعصبية لقومه، من هذا الباب وليس من باب العصبية لله ورسوله، ولذلك {جاء رجل يسأل الرسول عليه الصلاة والسلام عن الرجل يقاتل حمية، والرجل يقاتل شجاعة، والرجل يقاتل ليرى مكانه، أي ذلك في سبيل الله؟ فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله} .

أحياناً إنسان تحركه الحمية لقومه والعصبية لدينه وإن لم يكون متمسكاً بهذا الدين، فهكذا بالنسبة لأولئك النصارى، واليهود، وإن كان بغضهم للإسلام مستتراً، مستخفياً، إلا أنه قابل للتحريك والإثارة في أي وقت من الأوقات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015