من الأمثلة لهذه النصوص: الأحاديث المتواترة الواردة في شأن الطائفة المنصورة، فقد ورد عن أكثر من عشرين صحابياً، أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر بوجود طائفة منصورة باقية إلى قيام الساعة، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ضمن هذه الأحاديث، في مهمات الطائفة المنصورة أنهم يقاتلون أعداءهم، ظاهرين على من ناوأهم.
بل ورد في بعض الأحاديث الواردة، كما في حديث النواس بن سمعان وغيره: {أن أناساً جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله، أذال الناس الخيل، ووضعوا السلاح، وقالوا: لا جهاد -أي أنه في بعض المعارك لما حصلت هدنة بين المسلمين والكفار، المسلمون وضعوا السلاح، وأذالوا الخيول وآذلوها أي: وتركوها، وأهملوها، وقالوا: لا جهاد، انتهى الجهاد- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كذبوا! الآن جاء القتال -أي من الآن بدء القتال- ولا يزال الله عز وجل يزيغ قلوب أقوام، ويرزقهم منهم إلى قيام الساعة} .
إذاً فالأحاديث الواردة في الطائفة المنصورة الباقية إلى قيام الساعة، وهي أحاديث متواترة، قطعية الثبوت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، تؤكد أن شعيرة الجهاد، شعيرة محكمة، باقية إلى قيام الساعة، أي: أن الجهاد مستمر شرعاً، وواقعاً.
أما من ناحية الشرع، فإن من المعلوم بالضرورة في دين الإسلام، أن الجهاد شعيرة وشريعة، أي لا يمكن أن يأتي شخص ويقول: الجهاد منسوخ، هل يمكن أن يقول أحد: إن الجهاد منسوخ -مثلاً- بآيات الصبر؟ لا يقول أحد ذلك، قد يقول العكس إن آيات الصبر منسوخة بالجهاد وآيات السيف، وهناك من يقول: ليس هناك نسخ، بل هذه في حين، وهذه في حين آخر، لكن لم يوجد ولن يوجد -بإذن الله تعالى- من يقول: إن الجهاد منسوخ ولو قال مسلم ذلك، لكان كافراً مرتداً عن دين الله سبحانه وتعالى.
فقضيه الإقرار بشرعية الجهاد، هذه قضية مفروغ منها في الدين، ومسلمة، وهي من القضايا المعلومة من الدين بالضرورة، لو أنكرها إنسان لكان يُعلم في ذلك، فإن أصر، فإنه يكون مرتداً، فيقتل مرتداً، فهذا من حيث الشرع هو ثابت، لكن أيضاً من حيث الواقع، حديث الطائفة المنصورة يؤكد أن الجهاد باق، فليس الجهاد أمراً وقتياً كان موجوداً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي زمن الخلفاء الراشدين، ثم انتهى، كلا، بل هو باق إلى قيام الساعة.