القدر المشترك في مجتمع الصحابة

إنك حين تنظر في مجتمع الصحابة رضي الله عنهم؛ تجد أولاً: أن الصحابة قد التزموا جميعاً بقدر معين موجود لدى كل فرد منهم سواء في العلم أو في العمل، فما من الصحابة أحد إلا وهو حريص على تعلم العلوم الشرعية التي يحتاج إليها في خاصة نفسه، أو من تحت يده؛ من أهله، وأولاده، ومواليه، وخدمه، وغير ذلك.

وما من الصحابة أحد إلا وتجده حريصاً على تعلم ما يحتاج إليه من العلوم التي تحقق شيئاً من الأشياء التي يمارسها في حياته؛ فإن كان تاجراً وجدته خبيراً بأحكام البيع والشراء وأحكام الزكاة ونحوها، وإن كان مزارعاً وجدته خبيراً بأحكام الزراعة والمزارعة وسواها، وإن كان مشتغلاً بالجهاد وجدته خبيراً بأحكام الجهاد والقتال والاسترقاق وغير ذلك وهكذا.

ثم تجد كل فرد منهم محققاً قدراً من العمل سواء بالعبادة أو بالدعوة أو بغير ذلك.

فلا تجد أحداً من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يغمص أو ينتقص بشيء من الإخلال بالواجبات الشرعية، أو التقصير فيها إلا ما لا بد من وقوعه من البشر من حوادث فردية معينة.

فإذا انتقلت إلى جانب العقيدة وجدت أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلهم -بلا استثناء- قد التزموا بعقيدة واحدة صحيحة ناصعة نقية لم يأخذوها بالوراثة؛ لأنهم إنما ورثوا عن المجتمع الجاهلي ما رباهم الإسلام على التخلي عنه والحذر منه، حتى إنهم كانوا يستوحشون من كل شيء وجدوا عليه آباءهم وأجدادهم حتى يأتي القرآن، أو يأتي الحديث ليبين لهم أنه لا جناح عليهم ولا حرج عليهم في ذلك، كما تحرجوا مثلاً: من الطواف بين الصفا والمروة؛ لأنهم كانوا يفعلونه في الجاهلية حتى نزل القرآن بذلك.

ولا تجد أحداً من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بقي على معتقد موروث من مورثات الجاهلية، بل تحرروا منها بالكلية، وخلعوها على عتبة الإسلام، وتلقوا العقيدة الصحيحة نقيةً صافيةً من فم محمد عليه الصلاة والسلام، ولم يحصل أن وقع أحد منهم ببدعة اعتقادية على الإطلاق، ولا ببدعة عملية أيضاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015