الخطأ وارد، ومن المناقشة ينبثق النور -كما يقال- والمناقشة العلمية الهادئة الرزينة لا يضيق بها أحد، بل نحن من دعاتها، والمراجعة الدائمة، والنقد الدائم، لوجه الله تعالى لا لغرض من أغراض الدنيا، هو من مقاصدنا.
وقد كنت وعدتكم منذ زمن بدرس عنوانه: (النقد البناء وأهميته) أو نحو هذا، وسوف أطرحه إن شاء الله بعد أسابيع، ضمن سلسلة الدروس العلمية العامة، لأنني مؤمن أن النقد ضرورة للأفراد والجماعات والأمم، وأن الذين يخافون النقد، أو يهابونه، هم يكرسون أخطاءهم بأنفسهم، ويخدمون أعداءهم من حيث لا يشعرون، وأن الأمة لن تخرج من مذلتها، وهوانها، وأخطائها، إلا إذا آمنت بضرورة النقد، واقتنعت به، وتعاملت معه بغير حساسية، ولا تضايق، ولا انزعاج، بل أقل شيء أن لا تضيق به، وأحسن شيء أن تفرح بالنقد البناء، وتسر به، وتسرع إليه.
وأنا -والله- من عشاق هذا، وأتطلع إلى اليوم الذي تصبح الأمة فيه تفرح بأن تنقد، أو على الأقل لا تضيق بالنقد، ولا تنزعج منه، بل تتقبله بصدر رحب، وإذا لم ننتقد أنفسنا فسوف ينتقدنا عدونا.
فبضاعتنا اليوم هي للناس كلهم، بضاعتنا معلنة بالمزاد العلني؛ كتاب، أو شريط، أو مقالة، أو محاضرة، أو درس، أو فعل، أو تصرف، أو قرار، أو أي شيء، هي للناس كلهم فإذا لم ينتقدك العدو فتقبل من انتقاد الصديق، وإذا لم ينتقدك الصديق انتقدك العدو، وإذا لم تقبل من صديقك معناه أنك فتحت الباب على مصراعيه لعدوك، حتى يتشفى منك ويشهر بك!