إذاً: بناءُ الإنسان بناءً جديداً هو قبل عملية الفتوح، وقبل الحركة العلمية التي أحدثها الإسلام، وقبل الإبداع الحضاري، وقبل النجاح السياسي، قبل هذا كله، نجح الإسلام في بناء الإنسان، وهذا الإنسان بدوره هو الذي فتح الفتوح بإذن الله، وهو الذي أحدث الحركة العلمية، وهو الذي أبدع في الحضارة، وهو الذي تقدَّم في السياسة، كان هذا النجاح كله أثراً للنجاح في بناء الإنسان، والإنسان كما قال: لسان الفتى نصف ونصفٌ فؤاده فلم يبق إلا صورة اللحم والدم فالإنسان ليس بالشكل، وليست تربيته تربية العجول لا يا أخي وليست مسألة رياضة تجتمع فيها الآلاف المؤلفة على المدرجات، تهتف وتصيح وتلوح بالأعلام والشعارات، فتتكدس أجسامهم وتضيع ويصبح لا قيمة لهم، إن بناء الإنسان بناء العقل، والقلب، والروح، والتقوى، والخلق، بحيث تكون أمام إنسان واعٍ عالم عاقل مدرك خلوق فاضل حريص غيور، ومع ذلك لا مانع من الاهتمام بصحته والاهتمام بقوته، وحفظه مما يضره فهذا مطلوب، بل واجب على من ولاه الله أمر المسلمين أن يحرص على وقاية الناس، من كل ما يضر بصحتهم أو بأبدانهم؛ وبطبيعة الحال، من باب أولى أن يحرص على وقايتهم مما يضر بأديانهم أو عقولهم أو أخلاقهم، وهذا باب آخر.