من الحلول: أن تخلي الحكومات بين شعوبها وبين الإسلام، فتوقف الحرب على شعائر الدين وعقائده وأخلاقه وقيمه الاجتماعية وقيمه الاقتصادية وقيمه السياسية، وتسمح للناس بالتدين وممارسة التدين، كما إننا نجد كثيراً من هذه الحكومات سمحت للفساد بشتى صوره وألوانه بالانتشار، فبيعت الخمور على الأرصفة، وقد حدثني ثقة جاء من بلد عربي قال: والله رأيت أنواع الخمور تباع على الرصيف، وهناك من يعلن عنها بأنواعها وبأسمائها، أي بيعت علانية.
وكما مورست الدعارة علناً في أكثر من بلد عربي وإسلامي، تارة باسم الفن وتارة باسم الرقص وتارة باسم الحرية الشخصية، وتارة باسم الاختلاط، وتارة باسم الترفيه، وتارة باسم السياحة؛ بل وأحياناً باسم التعليم! نحن نريد من هذه الحكومات التي أذنت لألوان الفساد وصوره أن تنتشر، وحاربت وضيقت حتى على خطيب الجمعة فقد حدثني الشخص الذي ذكرت لكم قبل قليل يقول: جاء الخطيب في يوم الجمعة وكان يلبس لباس الجنز، حليق اللحية والشارب، لا يعرف الآية من الحديث، وهو الذي يتكلم مع الناس ويعلمهم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تناقض مريع خطير! فنحن نريد بدلاً من عقد الصلح مع إسرائيل، أن تعقد هذه الدول والحكومات صلحاً مع شعوبها، تسمح بموجبه بممارسة شعائر الدين علانية دون ضغط أو إكراه, فيسمح لمن يريد أن يصلي أن يصلي، ويسمح لمن يريد أن يعفي لحيته أن يعفيها، ويسمح لمن يريد الحج بأن يحج، ويسمح لمن يريد أن يحفظ الناس القرآن ويعلمهم القرآن في المساجد أن يفعل دون أن يتعرض للمحاكمة، والإيقاف والاستجواب والمساءلة، بحجة أنه يخشى من انتمائه إلى بعض الجماعات الإرهابية، أو التيارات الأصولية المتطرفة.
إن الله عز وجل إنما شرع الجهاد أصلاً حتى لا يضغط على الناس أو يضايقوا في دينهم، يقول الله عز وجل: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال:39] فالقتال شرع من أجل رفع الفتنة عن الناس في دينهم، حتى لا يضيق عليهم في دينهم، ولا يحاربون في دينهم ولا يجبروا أو يكرهوا على ترك الدين، أو اعتناق دين آخر , ونحن نجد أن هذه الفتنة الآن قائمة في عدد من البلاد الإسلامية بدرجة أو بأخرى؛ وأن الإنسان لا يستطيع أن يتدين تديناً كاملاً، وطالما جاءتنا أسئلة كثيرة تقول: أنا إنسان أريد أن أذهب إلى بلدي، هل يجوز لي أن أحلق لحيتي؟ أقول: لماذا؟ قال: لأنه منذ أن تدخل في المطار سوف تتعرض لسلسلة من المساءلات والاستجوابات، وربما الإيقاف وربما السجن أياماً للتأكد من هويتك ومن أنت.
وما انتماؤك! وما سر إعفائك للحيتك! إلى غير ذلك.
إذاً: نريد عقد صلح بين هذه الحكومات وبين شعوبها، تسمح بمقتضاه وتخلي بين شعوبها وبين أن تتدين بالإسلام، خاصة ونحن نعلم أن هذا هو أكثر ما يزعج الغرب، وقد قرأت عليكم في المجلس السابق، مقالاً يهدد فيه أحد الرؤساء -إذا لم يتحقق السلام- بأن يطلق العرب لحاهم.
نقطة أخرى: أن توجه الجهود، وما أكثرها من جهود؛ جهود ضخمة في أكثر من بلد عربي -كما أسلفت لكم قبل قليل، لملاحقة الناس ومحاربتهم في أرزاقهم وكتم أنفاسهم، والتصنت عليهم إلى غير ذلك- نريد أن توجه جهود تلك الاستخبارات المدججة القوية، وأجهزة الأمن المتزايدة المتعاظمة يوماً بعد يوم، والتي تشكل عبئاً على ميزانيات تلك الدول، وهي في الغالب دول فقيرة، ويجهد الإنسان فيها في تحقيق قوته اليومي وقوت أولاده، وربما ترى طوابير طويلة من الناس؛ نريد أن توجه تلك الأجهزة إلى الحصول على أسرار التسليح وخفاياه، والحصول على التكنولوجيا المتطورة، كما فعلت إسرائيل تماماً، فلم تكن مهمة الموساد -وهو جهاز الاستخبارات الإسرائيلي- لم تكن مهمته -مثلاً- مضايقة المواطن أو المستوطن الإسرائيلي، أو ملاحقته أو مصادرة رسائله، أو عد الكلمات عليه أبداً؛ بل كانت مهمته خدمة المصالح القريبة والبعيدة لليهود، وتنفيذ العمليات الداخلية والخارجية التي يعتقد اليهود أنها في صالحهم.
على سبيل المثال: قبل أيام قليلة وخلال أسبوع، ذكرت إذاعة صوت أمريكا أن هناك انتقادات في ألمانيا، لأن المخابرات هناك باعت أسلحة سرية متطورة لإسرائيل، والجدل هناك لا يتعلق بالبيع لإسرائيل، فهو يقول عملية عادية، وهو تعاون بين دولتين صديقتين فلا مانع أن يباع لإسرائيل أسلحة متطورة؛ لكن الانتقاد جاء لأن هذه الصفقة تمت دون علم كبار المسئولين في تلك الدولة بهذه الصفقة؛ ومع أن قانون ألمانيا يحظر بيع السلاح على المناطق الملتهبة، مناطق الأزمات، ومنها منطقة الشرق الأوسط؛ لكنهم يقولون: لا مانع من بيع السلاح لإسرائيل، لكن تحت سمع وبصر المسئولين في تلك الدولة وعلى كل حال فإن إسرائيل لم تصل إلى هذا المستوى من التصنيع والتطور؛ إلا بجهود ضخمة سرية بواسطة أجهزة مخابراتها وأمنها، للحصول على التسليح وتجنيد أعداد هائلة من الناس؛ لتحقيق مصالح إسرائيل، سواء من اليهود أو من غير اليهود.
فلماذا لا توجه تلك القوى التي فيها تعتبر بعض الدول العربية، أنها قد تملك أقوى سلاح استخبارات في المنطقة، لماذا لا توجه القوى إلى الحصول على أسرار التسليح، وسرقتها وتجنيد أفراد من العرب أو المسلمين أو من غيرهم، للحصول على ذلك؛ حتى يتمكن العرب من الوصول إلى ما يريدون، ويتمكن المسلمون من مواجهة إسرائيل بنفس السلاح الذي تملكه.