الأمة تملك الكثير

الأمة الإسلامية تملك من وسائل القوة في مواردها وخيراتها وأرضها وفي أعدادها البشرية الهائلة وفي إمكانياتها، وفي إيمانها بربها وفي التضحية والفداء الموجود عند المسلم الذي يسير إلى القتال وهو يفرح ويقول: واهاً لريح الجنة يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وبارد شرابها هذا لا يملكه لا يهودي ولا نصراني ولا غيره إلا المسلم الذي يقاتل ورائحة الجنة في أنفه المسلم الذي يخوض المعركة وهو يتمنى أن يقتل في سبيل الله عز وجل وأن يراق دمه حتى يكون من الشهداء عند الله تعالى.

فالأمة الإسلامية تملك إمكانيات هائلة لا أقول: تملك إمكانيات لمواجهة إسرائيل، ولا أقول: الأمة الإسلامية تملك إمكانيات هائلة لمواجهة الغرب النصراني ومواجهة إسرائيل ومواجهة كل القوى الكافرة؛ صحيح نحن لسنا نعيش أحلاماً ولا نعتقد أن الأمة بوضعها الحالي تملك ذلك، فهي تملكها من حيث القوة، لكنها بحاجة إلى أن تملك العقول المفكرة تملك القلوب المؤمنة التي عرفت ربها فعبدته، آلت على نفسها ألا تعبد إلا الله ولا تتوكل إلا على الله ولا تسأل وتدعو إلا الله عز وجل فعم القلوب والعقول والنفوس التي عرفت طريق العزة والكرامة، إذا توحدت -هذه الأمة- على كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا نبذت الفرقة والخلاف فيما بينها على قضايا فرعية جزئية أو أحياناً على قضايا لا قيمة لها البتة، وإذا بدأت الأمة تعمل عملاً جاداً لتثبت وجودها لتبدأ من جديد لتسلك الطريق، فليس في عقول المسلمين عجز أو نقص! صحيح أن اليهود شعب يملكون من وسائل التفكير والعبقرية ما لا يملكه غيرهم! فهم قد يملكون عبقرية الهدم والتدمير أما المسلمون العرب، وغيرهم من المسلمين فإنهم يملكون عبقرية البناء عبقرية إمكانية الحصول على الأسرار الصناعية من الغرب والشرق، والابتكار في ذات الوقت، ويملكون الموارد الطبيعية كما أسلفت، ويملكون الثروة البشرية.

ويملكون قبل هذا كله وبعده هذا الدين الذي لو رجعوا إليه وصدقوا تعاملهم معه، وعرفوا الله تعالى من قلوبهم الصدق والإخلاص فلن يتخلى الله تعالى عنهم، ونحن مع هذا نملك شيئاً آخر لابد أن نشير إليه وإن كنت أتحدث عنه بشيء من التفصيل -نملك وعداً ممن لا يخلف الميعاد من ربنا عز وجل، على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، بأن لهذه الأمة جولة قادمة منتصرة تواجه فيها اليهود، وتكون أمة صادقة.

ولذلك يسخر الله تعالى لها حتى الجمادات فتنظم إلى موكب المقاتلين، فيتحدث الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي تعال فاقتله، ونملك -أيضاً- وعداً: أن إسرائيل مهما تغطرست، ومهما عاشت أحلام ما يسمى بإسرائيل الكبرى إلا أن الحدود التي ستظل عليها إسرائيل -والله تعالى أعلم بما يقع- لن تكون بعيدة عما يكون عليها الآن؛ فقد جاء في حديث: {أنكم تقاتلون المشركين على نهر الأردن، أنتم شرقيه وهم غربيه} على نهر الأردن.

إذاً أحلام إسرائيل التوسعية من البحر إلى النهر، ومطامحها ومطامعها، سوف تصطدم بعقبة القضاء والقدر، والله تعالى لا راد لأمره ولا معقب لحكمه، ونحن نقول هذا ثقة بالله عز وجل وتوكلاً عليه وإيماناً به، ولا أعتقد أن مسلماً يعرف الله تعالى ويحبه ويثق به يمكن أن يخاف من إخوان القردة والخنازير أو يرهبهم، وهو يعلم أن الله تعالى ينصره متى كان ناصراً لله تعالى في ذات نفسه متى ما كان مخلصاً لله عز وجل مؤمناً به متوكلاً عليه واثقاً به مقدماً لأمر الله تعالى على كل شيء، بل إن من المفسرين من فسر بعض الآيات القرآنية على ضوء هذا في قوله عز وجل: {وَقَضَيْنَا إلى بَنِي إسرائيل فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرض مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيرا * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً * إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً} [الإسراء:4-7] .

فقال أكثر المفسرين: إن كلا الوعدين قد مضى وسبق في التاريخ لكن الله تعالى قال: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً} [الإسراء:8] .

فقوله: وإن عدتم عدنا مشيراً أن وعد الله عز وجل على بني إسرائيل في الكتاب مرتين؛ يمكن أن يتكرر مرة ثالثة ورابعة متى عادوا إلى ما كانوا عليه.

جدد رجالك أيها الإسلام فالمسلمون بعصرنا أقزام تركوا الهدى واستبدلوه ضلالة حادوا وضلوا والقلوب ظلام ركضوا وراء زخارف براقة وتنازعوا الدنيا كما الأنعام أين الذين على الذرى رفعوا اللوا باسم الإله فأشرق الإظلام فتحوا البلاد شمالها وجنوبها شرقاً وغرباً والدنا أنغام فاستعبدوهم واستباحوا فكرهم فالغرب يخدع والشعوب نيام والمسلمون الراقدون كأنهم موتى بأجداث صداها الهام لكنهم نفضوا السبات تنبهوا يا ويح يقظتهم هي الأحلام قومي انظري يا أمتي درب الهدى جنباته ملء العيون رغام ضلت قوافلك التي سيرتها واثاقلت من خزيها الأقدام يا أمتي زاد البلاء عروبة قومية قد صاغها أقزام يا حسرة يا قدسنا ضاع الرجا ترثيك لبنان كذاك الشام لن ينصر الله الذين تخاذلوا لا ينصرون ولو عدت أيام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015