الجهل بعدم معرفة حكم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن ثم يندفع الإنسان وراء عاطفته وقد يكون هذا الإنسان غيوراً وقد يكون معظماً للحرمات، وقد يكون شديد الخوف من الله عز وجل, فإذا رأى إنساناً يعمل معصية ولو كانت معصية صغيرة, لم يطق أولم يتصور أن يكون هذا الإنسان مسلماً أو مغفوراً له أو من أهل الجنة, لشدة غيرته فأداه ذلك إلى لون من ألوان الغلو.
أو يكون عنده محبة لرجل صالح مثلاً, وأصل هذه المحبة مشروعة ولكنَّ هذه المحبة بسبب الجهل زادت وطغت حتى وصلت إلى درجة الغلو في هذا الإنسان ورفعه فوق منزلته.
والجهل يزول بالعلم, ولهذا كان كثير من الخوارج الأُول يرجعون عن بدعتهم بالمناظرة, بل رجع منهم على يد عبد الله بن عباس رضي الله عنه لما أرسله علي بن أبي طالب للمناقشة والمناظرة، رجع منهم في مجلس واحد أكثر من أربعة آلاف إنسان, وهكذا في عهد عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد رضي الله عنه, نوقشوا فرجع منهم ما يزيد على ألفي إنسان في مجلس واحد, ولهذا الجهل في الواقع من أسهل الأسباب؛ لأنه سرعان ما يزول بالعلم والتعليم, وقد يكون الجهل جهلاً بالدليل لعدم الاطلاع عليه, أو عدم معرفته له، أو أنه لم يطلع على هذه الآية أو هذا الحديث, وقد يكون جهلاً بطرق الاستنباط, أو جهلاً باللغة العربية مثلاً، أو جهلاً بطرق استنباط الحكم من هذا الدليل آية كانت أو حديثاً نبوياً.