من أسباب الغلو: الهوى

الهوى المؤدي إلى تعسف التأويل ورد النصوص, وقد يكون الهوى لغرض دنيوي من طلب الرياسة -مثلاً- أو الشهرة أو نحوه, وقد يكون الهوى لأن البدعة والانحراف والباطل سبق إلى قلب الإنسان وإلى عقله واستقر فيه, وتعمقت جذوره ورسخت, وكما قيل: أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى فصادف قلباً خالياً فتمكنا فيعز على الإنسان حينئذٍ أن يتخلى عنه، ويقر على نفسه أنه كان متحمساً للباطل مناوئاً للحق, فيتشبث بخطئه ويلتمس له الأدلة من هنا وهناك, وقد يكون الهوى لأن هذا الإنسان الغالي ذو نفسية مريضة معتلة منحرفة، فتميل إلى الحدة والعنف والعسف في مواقفها وآرائها، وتنظر دائماً للجانب السلبي والجانب المظلم في الآخرين, وقد يشعر صاحبها بالعلو والفوقية وغير ذلك, دون أن يدرك ذلك من نفسه أو يقر أو يعترف به، وقد يحس بأنه أتيح له في وقت يسير وفي وقت مبكر من العلم والفهم والإدراك ما لم يتح لغيره في أزمنة طويلة, ومن هنا تتبخر الثقة في العلماء المعروفين، والدعاة المشهورين، ويستقل الإنسان بنفسه وبرأيه، فينتج عن ذلك الشذوذ والمواقف والتصورات والتصرفات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015