بعض الصلحاء يفتون بأن الصلح جائز مع إسرائيل، لماذا؟ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام عقد مصالحة مع اليهود ومع غيرهم، سبحان الله! الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره، هل القضية الآن عبارة عن قضية صلح حقيقي، وأننا كنا في حالة حربٍ معهم، ثم وضعت الحرب أوزارها، واتفقنا على أن نكتب كتاباً بيننا وبينهم ألا يقاتل بعضنا بعضاً لمدة خمس سنين أو عشر أو عشرين سنة؟ هل الأمر كذلك؟! هل هذا هو التكييف أو التوصيف الفقهي للقضية؟ كلا! المسألة مسألة تطبيع للعلاقة مع اليهود في المجالات العقائدية أولاً، وأول ذلك إلغاء الجهاد في سبيل الله تعالى ورفضه، وعدم الإيمان به، وكتابة عهود ومواثيق تقتضي من المسلمين أنهم لا يؤمنون بالجهاد، وأنهم لن يقوموا بالجهاد يوماً من الأيام ضد اليهود، وكذلك لا يحاربون اليهود، ولا يعتبرونهم مغتصبين لهذه البلاد، فضلاًُ عن أنها تنتقل من ذلك إلى تغيير العقليات الإسلامية، وإلى تغيير الإعلام، وإلى الغزو الثقافي والعلمي والأمني والعسكري والمادي وغير ذلك، فكيف نتصور أن هذا صلحٌ مع اليهود؟! إنها عملية تطويع كاملة للشرق الإسلامي، ليكون ألعوبة في يد هذه الدولة الأممية التي من ورائها تتحرك وتكيد أمريكا وغيرها من دول الغرب.
وآخر مثال على ذلك: خبرٌ سمعناه البارحة، يقول لك: سوريا وإسرائيل على وشك توقيع اتفاقية نهائية للسلام المطلق، تقتضي هذه الاتفاقية، أن تتخلى دولة إسرائيل عن هضبة الجولان بالكامل، في مقابل أن توقع معها سوريا اتفاقية سلام مطلقة شاملة، تمتد بين سنتين إلى خمس عشرة سنة، أي يتم تنفيذها خلال مدة أقصاها خمس عشرة سنة، وخلال هذه المدة تكون العلاقات كلها قد تطبعت بين البلدين إذا تم ذلك بشكل كامل، سواء العلاقات السياسية والاقتصادية أو العسكرية والأمنية أو غير ذلك، إذاً فالقضية ليست صلحاً كما يتصور بعض البسطاء، أو بعض الصالحين، إنما هي قضية تطبيعٍ كامل.