الحيلة السابعة: اليأس.
اليأس من إصلاح الناس، أو من تمكين هذا الدين، أو من قبول التوبة بالنسبة لإنسان واقع في ذنب، أو غير ذلك، وهذا اليأس غالباً ما يكون سببه أن الإنسان يتطلب الكمال المطلق، ولا يقدر المكاسب الجزئية، فيقع نتيجةً لذلك في القنوط ويستيئس ويدع العمل، واليأس موتٌ لا عمل معه، وإنما يكون العمل مع الأمل، ولذلك يقول الشاعر: ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل من أسباب اليأس: سوء فهم الأدلة الشرعية، فبعضهم يطبقون الأدلة الشرعية الواردة تطبيقاً غير صحيح، فمثلاً الأدلة الواردة في فساد الزمان، يطبقونها على حالهم، ويستنتجون أن المؤدى أنه لن يتغير هذا الواقع، ولو أنهم نظروا للأدلة الأخرى التي تدل على أن التمكين للإسلام يكون في آخر الزمان، وقد ذكرتها تفصيلاً في درس المستقبل للإسلام بما لا يدعو لإعادتها الآن؛ لأدركوا أنه لا مجال لليأس لا من الناحية الشرعية ولا غير ذلك.
وكذلك قد يفهم النصوص الواردة في ذم بعض المعاصي أنها تسبب له اليأس من قبول التوبة، وينسى النصوص الأخرى الواردة في قبول التوبة، حتى ممن فعل المعاصي والجرائم والموبقات، حتى الشرك بالله تعالى إذا تاب العبد منه تاب الله تعالى عليه.
من أسباب اليأس: سوء فهم الواقع أحياناً، فإن البعض إذا رأى هذا الواقع وتمكين الشرك وأهله والكفر واليهود والنصارى، أصابه من جراء ذلك قنوطٌ، والواقع مليء بالمبشرات التي تدل أيضاً على أن نصر الله تعالى قريبٌ كما وعد الله تعالى، قال الشاعر: أشتدي أزمة تنفرجي قد آذن ليلك بالبلجِ قال تعالى: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة:214] فينبغي أن ندرك أن وعد الله تعالى للمؤمنين بالنصر والتمكين حاصلٌ لا محالة، وأن المبشرات بحمد الله تعالى كثيرة لمن تأمل الواقع العالمي اليوم.
واليأس داءٌ قاتل بلا شك؛ قال تعالى: {إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف:87] وقال تعالى: {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} [الحجر:56] .