التواضع مطلوب ولكن في حدوده

التواضع مطلوب ولكن في حدوده: وهذا التواضع لا يجوز أن يؤدي إلى ألا يرى الإنسان نفسه أهلاً لشيء، ولا قادراً على أن يفعل شيئاً من أعمال الخير، وليست المشكلة فقط بمجرد الشعور الموجود عند بعض الناس حين يقول: الله يرحم الحال، والله المستعان، وأنا لستُ أهلاً لشيء، وأنا إنسان ضعيف، هذا كله كلام جميل ولا بأس به، المشكلة أن يتحول هذا إلى مبدأٍ مستقر يحكم تصرفات الإنسان، ويحكم مواقفه، فإذا قلتَ له: يا أخي درِّس قال: الله المستعان أنا لا أصلح للتدريس إذاً علِّم القرآن.

قال: أنا أحتاج إلى من يعلمني.

إذاً اخطُب.

قال: أنا لا أستطيع أن أجمع كلمتين إحداهما إلى الأخرى.

إذاً ماذا تستطيع أن تعمل؟ تحول هذا التواضع إلى غِلٍّ وقيدٍ يقيد الإنسان ويقعده عن الأعمال الصالحة، وهذا نوعٌ من إنكار نعمة الله تعالى قال الله عز وجل: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} [النحل:83] .

فأول مراحل شكر النعمة أن تعرف النعمة فتشكر الله تعالى عليها عارفاً بها، فإن الله تعالى قد أعطاك الكثير، قال تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد:8-10] فلماذا تجحد نعمة الله تعالى عليك ولا تقوم بشكرها؟.

أنت تجد أن هدي السلف رضي الله عنهم بل الأنبياء كان غير هذا!! فالأنبياء وأتباعهم كانوا لا يرون لأنفسهم فضلاً، وإنما يرون الفضل لله عز وجل، ويزدرون أنفسهم ويتواضعون لله تعالى، بل إن النبي صلى عليه وسلم لما دخل مكة فاتحاً دخلها متواضعاً متذللاً متضرعاً، حتى طأطأ رأسه عليه الصلاة والسلام، مع أن هذا في موقع النصر.

وكذلك لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم السحاب، خرج فزعاً يخشى أن يكون عذاباً، ومثله لما حصل الخسوف والكسوف خاف صلى الله عليه وسلم وخرج يجر إزاره ثم صلى بالناس، وخشي أن يكون عقوبةً تنزل بالمسلمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015