دور الشيطان في الحيل النفسية

النقطة الثانية التي سأقف عندها هي: نظرة في العنوان.

كنت أعلنت عن الدرس يوماً من الأيام بعنوان: (العوائق النفسية) ثم بدلته إلى (الحيل النفسية) والعوائق والحيل قريب من قريب، ثم خطر في بالي خاطر فقال لي: وأين الشيطان الذي ذكر الله تعالى أنه مسلط على ابن آدم، والذي توعد الإنسان فقال: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص:82] وقال {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [الحجر:40] وفي آية أخرى: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف:17] ؟! فخطر في بالي أن تسميتنا لهذا الأمر بالحيل النفسية أو بالعوائق النفسية أمرٌ يحتاج إلى مراجعة، وكان الأولى أن نسميه الحيل الشيطانية، أو العوائق الشيطانية، لأنه وإن كانت من داخل النفس إلا أن للشيطان فيها نصيباً كبيراً، فإنها غالباً من كيد الشيطان أو وسوسته، والنفس قبلت هذا الكيد وتأثرت به؛ فتحول إلى حيلةٍ يقنع الإنسان بها نفسه، وينبغي أن نجعل للشيطان حينئذٍ دوراً ولا نغفل دور النفس، لأن من الحيل -أيضاً- أن نلقي باللائمة على الشيطان ونتخلى عن أنفسنا في قبول كيد الشيطان والتأثر بوسوسته، مع أن الشيطان نفسه يقول يوم القيامة كما ذكر الله عز وجل {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [إبراهيم:22] .

إذاً الشيطان يقول: (فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ) ونقول النفوس: ملومة، والشيطان ملوم أيضاً، فهو أغوى وكاد ووسوس، والنفوس قبلت هذا الوسواس، لأنها نفوسٌ ضعيفة أمارة بالسوء أو نفوسٌ لوامة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015