التقاعس عن الدعوة وتعليقها بأفراد

فالكثيرون يحتجون بالزمان والأوضاع، أو يحتجون بأن فلاناً وفلاناً قاموا بالواجب، ويتعللون بذلك عن القيام بواجبهم هم، ونحن على قناعةٍ تامة، أن أمر الدعوة إلى الله وأمر الدين إذا كان منوطاً بأشخاص يعدون على الأصابع، فإن معنى ذلك أنه عرضةُُ لخطرٍ شديد، فهؤلاء الأشخاص قد يموتون، وقد يعجزون ويهرمون، وقد يحال بينهم وبين ما يريدون القيام به من الكلام أو المحاضرة أو الدرس أو الدعوة، وقد يعرض لهم ما يعرض للبشر من الخطأ، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم {كل بني آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوابون} فالعالم قد يخطئ، والداعية قد يخطئ أيضاً، والإنسان مهما بلغ من التحري والدقة يظل بشراً، وأبونا آدم عليه الصلاة والسلام ورثنا نحن منه جبلة البشرية، وطبيعة الإنسانية التي هي عرضةٌ للخطأ، قال تعالى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه:121-122] .

تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي درج الجنان بها وفوز العابد ونسيت أن الله أخرج آدماً منها إلى الدنيا بذنبٍ واحدِ إذاً الإنسانُ يخطئ، فإذا نحن علقنا أمر الإسلام على فلان العالم، أو الداعية، أو المجاهد؛ فمعنى ذلك أننا جعلنا أمرنا مرهوناً بأشخاص يعرض لهم ما يعرض لغيرهم من البشر، وبدون شك فإن السهام إذا تكاثرت على موقع واحد، فإنها تؤثر فيه على المدى الطويل، فهذا سهمٌ يصيب، وهذا سهمٌ يوشك أن يصيب، وهذا سهمٌ يدمي، وهذا سهمٌ قد يصل إلى القلب وإلى السويداء، وبالتالي يتوقف العمل وتتوقف الدعوة إلى الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015