حكم التفسير العلمي للقرآن الكريم

Q إلى أي مدى نستطيع الأخذ بالتفسير العلمي للقرآن الكريم؟ وما هي محاذير الأخذ بهذا النوع من التفسير؟

صلى الله عليه وسلم التفسير العلمي -الحقيقة- كنت أود الإشارة إليه، لكن لا أدري هل نسيت؟ أم العجلة أخذتني في ذلك؟ فقضية التفسير العلمي، أو ما يسمى بالإعجاز في القرآن، قضية تحتاج إلى اعتدال؛ لأننا نلحظ من الناس من يرفض هذا الإعجاز، ويقول: هذا تلاعب بالقرآن الكريم، ومن الناس من يقبل على علاته ويتوسع فيه.

وأذكر على سبيل المثال ولعلكم جميعاً تعرفون رشاد خليفة، وهو موجود في هذه البلاد، وأول ما ظهر اسمه كان يتحدث عن قضية الإعجاز العددي في القرآن الكريم، وأذكر أنه نُشِر في عدد من صحفنا أن هناك معجزة عصرية للقرآن الكريم سوف تُنشَر على كتب وأشرطة، وأن الناس ينبغي أن يساهموا فيها لخدمة القرآن الكريم، وأذكر أن الإعلان هذا مضمونه: إن هذه المعجزة سوف تضطر الناس كلهم إلى الإسلام، يعني: كان فتحاً عظيماً، وكما يقال: تمخض الجبل فولد فأراً، بل ما هو دون الفأر، لأن رشاد خليفة هذا جاءتني رسالة من أحد الشباب قبل زمن فيها مجموعة منشورات، يدَّعي الرجل فيها النبوة، على حسب ما هو موجود في الأوراق، ويقول: إنه نبي، والدليل على أنه نبي: أنه وُلد في: (19/نوفمبر) وحروف بسم الله الرحمن الرحيم (19) حرف، وكذلك يقول الله تعالى في القرآن الكريم: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} [المدثر:30] .

فقلت لبعض الشباب: لماذا لا يكون هذا دليلاً على أنه من أهل النار؟! لأن الله تعالى يقول: (عليها) يعني: النار، (تسعة عشر) ونحن لا نحكم على الرجل لأنه قد يتوب فيتوب الله عليه، لكن أقول: إن دعواه النبوة بهذا من السخف بمكان، وليس دعوى النبوة بأولى من دعوى بأنه من أهل النار؛ لهذا الدليل نفسه، لكن بالتأكيد ستجد من يتبعه ويطيعه، فهذا لون من دعوى الإعجاز ينبغي نبذه، كذلك بعض الناس يحملون معاني القرآن على نظريات لم تتقرر بعد، وقد يأتون بنظرية لا زالت موضع أخذ ورد بين العلماء، ويُنَزِّلون الآيات القرآنية عليها، فهذا غلط أيضاً؛ لأننا نعرض القرآن بذلك للتناقض أو الرد، وهناك علماء آخرون يحمِّلون الآية أكثر مما تحتمل، ويَلْوُون عنق الآية حتى تنسجم مع اختراع واكتشاف علمي.

وأقول: نحن لسنا بحاجة إلى كل هذا، وصحيح أننا نجزم بأن في القرآن الكريم إعجاز، وأن هذا الإعجاز من حُجَّة الله على عباده في هذا العصر، ولذلك -الحقيقة- أنا أشكر للذين يقومون بجهود في مجال الإعجاز، خاصةً إذا كانوا من المعتدلين، الذين يرجعون إلى كتب التفسير ويطمئنون إلى المعنى الصحيح من الآية، ولا يتكلمون إلا في قضايا علمية مقررة، فأشكر لهم هذا، وأعتبر أن هذا من حجة الله على العباد في هذا العصر؛ لأنه يزيدهم إيماناً، كما أسلم عدد غير قليل من الأطباء وغيرهم في مؤتمرات عُقدت في المملكة وفي غيرها من بلاد العالم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015