وكذلك من الكنى المكروهة والممنوعة ما كان فيه تعريض للإهانة كما سبق في الأسماء، كأن يسمى باسم سورة من السور، أو باسم ذكر من الأذكار، وفي كتب الأدب والطرائف أشياء من هذا القبيل، أنا أذكرها لأمرين: الأمر الأول: لكي لا يكنى الإنسان بكنية تكون مدعاة إلى إهانة شيء من الذكر.
الأمر الآخر: الإشارة إلى أن من أهل الأدب والطرف، من يكون عندهم شيء من المجانة والاستخفاف، فيتوسعون في رواية الحكايات والقصص والطرائف والنكت المتعلقة بالقرآن الكريم، أو بالسنة النبوية، أو بالله جل وعلا، أو بالرسل، وهذا لا يجوز، لأن القرآن لم ينزل ليكون نكتة يتداولها الأدباء والشعراء، وهذا الموضوع -موضوع النكت والطرائف إن شاء الله- سوف أفرد له جلسة خاصة؛ لأتحدث عن ما يسوغ له وما لا يسوغ، والآداب العامة المتعلقة به، وأذكر أمثلة مما يصلح وما لا يصلح.
فأقول: في بعض كتب الأدب ككتاب نثر الدر والعقد الفريد وغيرها، يقول: إن رجلاً قيل له: ما كنيتك؟ فقال: كنيتي أبو عبد رب السماوات والأرض إن كنتم موقنين.
فقال له رجل: حياك الله يا نصف القرآن.
فهذا فيه: أولاً: هم يسوقون مثل هذه الأشياء للتندر، والتندر بالآيات القرآنية لا يجوز، وربما أن الناس إذا سمعوا نكته تتعلق بآية -أحياناً- أنها تسرع إليهم النكتة أكثر مما يسرع إليهم التأثر بالآية، أو الخشوع عندها، أوتدبر معانيها.
وذكروا من هذا أشياء كثيرة، لا أرى أنه يصلح أو يسوغ أن أستطرد في ذكرها، إنما قصدت مجرد المثال.