عداوة الكفار للمسلمين ثابتة أم مؤقتة؟

وهناك سؤال، وأظن أنه يحسم الموضوع: هل عداوة الكفار للإسلام عداوة أصيلة مستحتمة ثابتة, أم هي عداوة قابلة لأن تزول وتنتهي؟!! فإذا كنا نقول: إن عدواتهم يمكن أن تنتهي فلا يوجد مانع من أن نناقش القضية هل الجهاد هجومي أم دفاعي؟!.

أما إذا أيقنا -وهذا طبيعي- ولا أعتقد أن أحداً يجادل في ذلك، وكيف نجادل في الحقائق؟ وكيف نغالط أنفسنا؟! وكيف نغمض أعيننا عن الواقع المشهود والتاريخ المعروف، والأمور تتكشف يوماً بعد يوم عن عداوة هؤلاء الكفار للإسلام وللمسلمين؟! إنَّ الكافر -جنس الكافر- حتى إذا لم يدن بدين فإن عداوته للإسلام قائمة, مع أنهم يتفاوتون، فالوثني في اليابان ليست عداوته كعداوة اليهودي أو النصراني وهذا صحيح! لكن يبقى أنهم كلهم أعداء, وقد يتحالفون -كما هو الواقع- ضد الخطر الإسلامي.

وأعود إلى القضية الأصلية؛ قضية البقاء بين أظهر المشركين فأرى أنه لا يجوز لمسلم أن يقيم بين المشركين إلا لضرورة, كمثل ذهاب شخص للعلاج، أو أمر لا بد منه, أو إذا كان إنساناً مهاجراً مطروداً من بلده ولم يجد بلداً يؤويه إلا هذه البلاد؛ لما فيها من بعض الحرية, أو حاجة مثل دراسة أو مصلحة معينة، كدراسة يحتاج إليها المسلمون ولا توجد في بلاد الإسلام, ومصلحة معينة للدعوة إلى الله عز وجل، كمعرفة أحوالهم وأخبارهم، واستكشاف أمورهم وخططهم, فالمهم أنه جاء لمصلحة معينة.

وأذكر أنني كنت في مجلس مع بعض الإخوة المقيمين, فبدءوا يتكلمون عن قضية أنهم مضطرون للبقاء! فقلت: المضطر للبقاء هذا أمر آخر, لكن نحن نتحدث عمن يبقى باختياره ومن دون مصلحة, فقام أحدهم وقد تحمس للموضوع فقال: يا إخواني! لماذا نغالط أنفسنا, قولوا لي -بالله عليكم- من منكم الذي خرج من السجن وهرب إلى هنا؟! وهل أحد منكم هارب من السجن إلى هذه البلاد؟! فضحكوا كلهم، فليس هناك أحد!! وأحياناً قد يوجد أفراد وقد يوجد أعداد، وقد يوجد أحياناً شعوب, مثل بعض الشعوب التي تعيش هجرة جماعية، وهذا لا نجادل فيه، وهو أمر واقع, لكن يبقى أن هناك حالات كثيرة، فقد يأتي الإنسان إلى هذه البلاد التي فيها فرص الاستثمار الاقتصادي، وكونه يأتي للتجارة ويعود فهذا أمر آخر, لكن أن يأتي ويقيم هنا لمجرد التجارة فإن هذا لا يصلح، أو يأتي ليقيم لأن البلاد تعجبه -طبيعة البلاد أو أي أمر من الأمور- فهذا لا يجوز, لكن حتى الذي يقيم لضرورة تجد آثاراً وبصمات واضحة من هذا المجتمع عليه, فكيف بالذي يقيم باختياره! فهو أصلاً مهزوم، لأنه لم يأت إلى هذه البلاد إلا عاشقاً لها, ومعجباً بأهلها, ومستميتاً مولعاً بحبها مغرماً بها!! ومن عادة الإنسان أن يحب وطنه، وهذه فطرة عند الإنسان.

والشعراء يتغنون بحب أوطانهم: وحبب أوطان الشباب إليهم مآرب قضاها الشباب هنالكا إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا فحب الإنسان إلى بلده الذي هو فيه فطرة, خاصة إذا كان البلد فيه خير وبقايا وآثار من الإسلام.

فهذه القضية ينبغي أن توضع في الاعتبار، وفي إطارها الطبيعي, وقد قلت: لا يجوز إلا لحالات معينة، كمصلحة ظاهرة، أو حاجة لا بد منها، أو ضرورة لا بد منها, ففي مثل هذا الحال لا حرج إن شاء الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015