الارتباط بالمربي

Q هناك أشخاص في مجال الدعوة يرتبطون بمن هم أعلى منهم بالمستوى والسبق إلى الهداية، بحيث يربطون إيمانهم بهؤلاء الأشخاص, ويأخذون منهم عن طريق القدوة الجوانب الإيمانية والسلبية كذلك, فما رأيكم في هذا الأمر؟

صلى الله عليه وسلم أما استفادة الإنسان ممن سبقه فهو أمر طبيعي, حتى في الأمور المشروعة أصلاً، وقد سبق أن تحدثت عن هذه النقطة في إحدى المناسبات, ولا أريد أن أعيد ما قلت، ولكن أذكِّر فقط بما رواه مسلم عن جرير بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه قوم من مضر مجتابي النمار، يظهر عليهم العري والفقر والجوع، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصدقة وحث عليها, فتصدق الناس، منهم من تصدق بمد أو صاع أو ثوب أو صبرة أو غير ذلك, فقال النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن رأى هذا: {من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة} فهذه إشارة إلى أن أصل الصدقة مشروع، لكن حين يبادر رجل فيتصدق فإنه يحرك أريحية الناس إلى الصدقة فيقتدون به في التصدق, ليس من أجل أنه تصدق، ولكنه هو نبههم إلى هذا الأمر.

وكان العلماء والسلف يأخذون العلم عن شيوخهم، بل كانوا يذمون من لم يأخذ عن شيخ, ولذلك قيل: لا يؤخذ العلم عن صُحفي ولا القرآن عن مُصحَفي، وقيل: من كان شيخه كتابه غلب خطؤه صوابه، لكن هذا التتلمذ سواء كان في مجال علم شرعي, أو في مجال دعوة, ينبغي ألا يلغي شخصية الشاب بحيث يذوب في شخصية شيخه ويفنى فيها، ويصبح مجرد ظل يبرر كلام شيخه ويقرره ويدافع عن أخطائه كما سبق, بل يكون فيه نوع من الاقتداء في الأعمال الخيرة, ونوع من الاستشارة فيما يشكل عليه, ونوع من الأدب والاحترام, ونوع من شكوى إذا كان لديه هموم, لكن حين يجد عليه أخطاء أو ملاحظات عليه أن يتقيها هو في نفسه, فتكون رؤيته هذه الأشياء عند شيخه دافعًا له لأن يتقيها, ثم إن أمكن على أن ينبهه إلى هذه الأشياء بالأسلوب الملائم كان ذلك متعينًا عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015