الجمع بين طلب العلم والدعوة

Q يقول السائل: كثير من الشباب يقول: إن طريق الدعوة يبعدني عن طريق طلب العلم, فكيف ترد على هؤلاء، وما هي الطريقة في التوفيق بين طلب العلم والدعوة إلى الله جل وعلا؟

صلى الله عليه وسلم كثير من الشباب يوجد عندهم نوع من عدم التوازن, وقد كنت قبل قليل مثلت بمثال يتعلق بتقويم الأشخاص؛ وهو أنك تجد شابًا يرفع شخصًا فوق منزلته, فإذا اكتشف عنده خطأ حطه دون منزلته, والخطأ نفسه يتكرر في ميادين أخرى، ففي مجال التوفيق -مثلاً- بين طلب العلم الشرعي والدعوة, تجد شابًا منهمكًا في موضوع الدعوة إلى الله والذهاب والإياب ومتحمسًا لهذا الموضوع على حساب الجوانب الأخرى، ولو نظرت إلى عبادته لوجدت أنه آخر من يأتي إلى المسجد -مثلاً- لصلاة الجماعة، وغالبًا ما يقضي الصلوات، ولو نظرت إلى جوانب علمه الشرعي تجده لا يعرف شيئًا من العلوم الشرعية, ربما حتى ما يعرفه أقرانه وأمثاله قد لا يعرفه, فهو لا يكاد يقرأ, لماذا؟ لأنه ليس لديه وقت، فهذه الصورة ينتبه إليها الشاب وبعد فترة يريد أن يستدرك الخطأ فيقع في خطأ آخر، وهو أن يرمي بقضية الدعوة إلى الله جانباً ويتجه بكليته إلى العلم الشرعي, ولا تستبعد أنه ينتبه بعد فترة أنه انشغل بالعلم الشرعي والأقوال والردود وقال فلان ورد عليه وكذا وكذا, وأنه نسي جانب العبادة التي فيها ترقيق للقلوب, وتليين لها, وتقريب إلى الله عز وجل, فربما ألقى بجانب العلم الشرعي واتجه إلى التعبد.

وهكذا يظل الشاب طيلة عمره في ردود فعل لأخطاء سابقة, والذي ينبغي للشاب -أولاً- أن يضبط نفسه على وضع معتدل, فيعطي كل ذي حق حقه, أعط الدعوة إلى الله حقها, وأعط أهلك في البيت حقهم, وأعط طلب العلم حقه, وأعط نفسك حقها, وأعط كل ذي حق حقه, فهذا أولاً وهذا نوع من الوقاية.

لكن حين يكتشف الشاب خطأً وقع منه فالعلاج ليس أن ينتقل إلى الطرف الآخر، فبدلاً من أن تكون مهملاً للعلم تتحول إلى أن تكون مهملاً للدعوة, لا, بل حاول أن تستدرك العلم بصورة تدريجية وهادئة, وينبغي أن تعلم أن العلم الشرعي لا يحصل بين يوم وليلة, وكلما قرأ الإنسان في العلم أدرك أن الأمر يتطلب جهداً ووقتاً, فعامل الوقت مهم في هذا الجانب، فإذا انتبهت لنوع من التقصير تتداركه بصورة معتدلة، ولا تفرِّط في الجانب الآخر.

والحمد لله رب العالمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015