ومما يدخل في موضوع العجز: تعليق الإنسان على المستقبل، فإذا طلبت منه أن يفعل شيئاً قال لك: الآن لا أستطيع، لكن -إن شاء الله- في المستقبل إذا كبرنا؛ وطالب العلم يقول: إذا تعلمت، وطالب الجامعة يقول: إذا تخرجت، والآخر يقول: إذا انتهى سكني فأنا منشغل في بناء قصر؛ فإذا انتهى بناؤه -إن شاء الله- تفرغت، فإذا انتهى من القصر بدأ ينشغل بالبستان، فإذا انتهى البستان؛ بدأ بمشروع، وهكذا ينتقل من عقبة إلى عقبة أو من عقبة إلى عائق آخر، وهذا طول الأمل الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم، وأخبر عنه عليه الصلاة والسلام فقال: {إن ابن آدم يكبر وتكبر معه خصلتان: حب الدنيا وطول الأمل} مع أن المستقبل قد لا يجيء فقد تموت هذا أولاً.
والثانية: حتى لو جاء المستقبل، فالمستقبل يحمل معه مشاغله ومشاكله وعوائقه.
فلذلك أنصح إخواني في الله: أنه لا أحد يعلق على المستقبل، اترك المستقبل لله عز وجل، والذي تستطيع أن تعمله؛ اعمله الآن، والذي لا تستطيع أن تعمله؛ دعه وقل: إن أمكنني الله منه فعلته:- وخذ لك منك على مهلةٍ ومقبل عيشك لم يدبر وخف هجمة لا تقيل العثار وتطوي الورود على المصدر ومثل لنفسك أيُّ الرعيل يضمك في ساحة المحشر