النوع الثاني ممن يكرهون الموت: هو الإنسان المذنب العاصي -مثلي ومثلك- ممن يخاف من ذنوبه، فهو يخاف أن يلقى الله عز وجل، وليس له وجهٌ يواجه به رب العالمين، فكيف يلقى الله وقد بارزه بالذنوب والمعاصي، وخيره إليه نازل وشره إليه صاعد؟! فيخجل العبد من ربه، ويتمنى أن يمد الله تعالى في أجله لعله يعمل صالحاً، ولعله يجدد توبة، ولعله يكفر عما سلف من ذنوبه ومعاصيه.
ولذلك الإمام الشافعي ويذكر أنه لما حضرته الوفاة، والإمام الشافعي شاعر كما هو معروف، وهو القائل: ولولا الشعر بالعلماء يزري لكنت اليوم أشعر من لبيد فلما تلفت ونظر قال: ولما قسى قلبي وضاقت مذاهبي جعلت الرجا مني لعفوك سلما تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك ربي كان عفوك أعظما فما زلت غفاراً عن الذنب لم تزل تجود وتعفو منةً وتكرما فلولاك لم يصمد لإبليس عابدٌ فكيف وقد أغوى صفيك آدما فلله در العارف الندب إنه يفيض لفرط الوجد أجفانه دما يقيم إذا ما الليل مد ظلامه على نفسه من شدة الخوف مأتما فصيحاً إذا ما كان في ذكر ربه وفي ما سواه في الورى كان أعجما ويذكر أياماً مضت من شبابه وما كان فيها بالجهالة أجرما فصار قرين الهم طول نهاره أخا السهد والنجوى إذا الليل أظلما يقول حبيبي أنت سؤلي وموئلي كفى بك وللراجين سؤلاً ومغنما ألست الذي غذيتني وهديتني ولا زلت مناناً عليّ ومنعما عسى من له الإحسان يجبر زلتي ويستر أوزاري وما قد تقدما فهذا النمط الآخر ممن يكرهون الموت: من قدموا ذنوباً وسيئات يخافون أن يلقوا الله تبارك وتعالى بها.