الموت قد يصبح وهماً

وهذا الموت الذي نغفل عنه، هو الآخر قد يصبح وهماً من الأوهام أحياناً، بمعنى: أن بعض الناس يخاف من الموت إلى حد أن الخوف نفسه أصبح وهماً، فيتوهم الموت في كل لحظة وقيام وقعود فإذا كان الإنسان صالحاً؛ ترك العمل الصالح بسبب غلبة الخوف على قلبه، وإذا كان ضعيف الإيمان؛ ترك كثيراً من الأمور والمواقف من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله والدعوة -خوفاً من الموت؛ بل قد يترك بعضهم الأسفار في حج أو عمرة أو أيَّ خيرٍ خوفاً من الموت؛ وإن كان في الدنيا فقد يصاب بالأمراض، وقد رأيت عدداً من الناس يعانون من وهم الموت؛ حتى إن أحدهم كان يقول لي: أنه لا يستطيع أن يمر من عند المقبرة، فهو يعمل في مكان معين والمقبرة في طريقه، فيذهب إلى مكان بعيد، أي: يسلك طريقاً بعيده حتى يتحاشى أن يمر بالمقبرة في طريقه، لأنه يقول: إذا مررت من عند المقبرة تنغص عليَّ يومي وأصبح لا أستطيع أن أصنع شيئاً، ويقول: كلما قمت بعمل؛ أتخيل أنني لا أتمه إلا وأموت، فإني وأنا داخل عليك الآن أشكو إليك حالي، تجد أنني أفكر فيما إذا مت الآن سوف تكون -الأخ يعنيني محرجاً، كيف سوف يتصرف؟ وكيف يمكن أن أبلغ أهله؟ وكيف يمكن أن أتخلص من الموقف؟ وما أشبه ذلك فيقول: يهيمن عليه خوف الموت إلى حد أنه أصبح - وهذا نوعٌ من الوسوسة - الخوف من الموت وهماً كبيراً يغطي على عين الإنسان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015