Q أنا شابٌ نشأت بين والديّ، ووجدت منهما -سامحهم الله- الشيء الكثير من عدم المبالاة بي، وإهانتي، وعدم إعتبارهم لي، ولا زلت على ذلك، وأنا الآن متزوج، فبماذا توصونني تجاه ذلك، مع أن الإهانة من أبي خاصة ما زالت توجه إليَّ أمام زوجتي؟
صلى الله عليه وسلم حقيقة هذا خطأ، فبعض الآباء لا يرى لولده قيمة ولا قدراً، وهذا خطأٌ كبير، حتى ابنك الصغير يجب أن تعلم أن من أهم وسائل تربيته هو أن تحترمه وتقدره ولا تهينه خاصةً أمام الناس، وتضع له شخصية، فتستشيره في بعض الأمور، خاصة في الأمور التي تخصه هو، حتى لو ذهبت لتشتري لولدك لعبة، فمن المصلحة أن تجعل له قدراً من الاختيار، فتقول له: هذه اللعبة من صفتها كذا، وقيمتها كذا، وهذه من صفتها كذا، وقيمتها كذا، وتجعله يختار، لأنه يخرج بذلك إنساناً قوي الشخصية، له ذاتية وله اعتبار، وأيضاً يخرج محباً ومقدراً لك.
أما إذا سحقت ولدك ولم تجعل له قيمة ولا وزناً؛ فإنه يكبر وهو يشعر بالهضم والضيم، ولا يستطيع أن يستقل بنفسه بأمرٍ من الأمور، فإذا كبر الولد وأصبح متزوجاً فلا يحق لوالده إهانته بحالٍ من الأحوال، لا أمام زوجته ولا أمام الناس، بل ولا حتى على انفراد، فينصح الآباء أن يتجنبوا ذلك، وأن يتقوا الله تعالى، في مثل هذه الأمور؛ فإن هذا لا يحل لهم.
أما بالنسبة لك أنت أيها الولد، فما عليك إلا الصبر الجميل، وأن تدرك أن بِرَّك بأبيك يقتضي حلمك عنه، وصبرك عليه، وتحملك ما يبدر منه، وأنت تقابل ذلك بأن تقول له: سمعاً وطاعة، ولبيك وجزاك الله خيراً، وأحسن الله إليك، وأن لا تواجه ما يفعله أبوك بقسوةٍ أو شدة أو غضب، فإذا خلوت بأهلك أو زوجتك؛ أخبرتها بأن هذا الأمر من والدك أمرُُ لا بد منه؛ لأنه شديد الغضب أو سريع الانفعال، وأنه لا يصبر وأنه يندم بعد ذلك، ولكنه لا يستطيع أن يكف، فتعتذر لوالدك أمام زوجتك أو أمام من أهانك أمامه، فإن خلوت بوالدك فنبهته لذلك بالكلمة الطيبة كان ذلك منك حسن، وعليك على كل حال أن تدرك أن صبرك على والدك سوف تجد بإذن الله تعالى عاقبته في أولادك، فتجد أن الله تعالى يسخرهم لك، ويلين قلوبهم لك، ويحببهم إليك ويرزقهم برك.