فأنت المستفيد إذ تذكر ربك، وأنت المستفيد إذ تشكره، وأنت المستفيد إذ تعظمه، فيشرق قلبك بحبه، وينشرح صدرك، وتأنس نفسك، فإن الله تعالى يقول في الحديث القدسي: {من تقرب إليَّ شبراً تقربت إليه ذراعاً، ومن تقرب إليَّ ذراعاً تقربت إليه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته أهرول} فالله تعالى لك بكل خيرٍ أسرع، والمصطفى عليه الصلاة والسلام، كما في الحديث الذي رواه الترمذي وأحمد وسنده صحيح عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: {يا غلام، إني أعلمك كلمات -ومنها- تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة} فأنت مقبل على شدائد، شدائد لا يعلمها إلا الله، والآن نحن مجموعة في هذا المسجد -والغيب لله- لو كشف لنا سجل مستقبلنا ماذا سنرى؟! سنرى من كُتب عليه أن يموت بمرض خطير، وسنرى من بين سجلاتنا من كتب عليه أن يموت بحادث سيارة، وسنرى من بين سجلاتنا من كتب عليه أنه سيموت خلال أشهر، وسنرى من كتب عليه أنه سيموت خلال سنوات، وسنرى أموراً كثيرة؛ لكن الله من حكمته ستر الغيب: {فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن:26-27] فهذه شدائد أنت محتاج فيها من يأخذ بيدك، ومن ينقذك فلا تستسلم لليأس مثلاً، ولا يصيبك همُُ وغمٌ وحزنُُ وكآبة فأنت محتاج إلى الله تعالى في كل حال، وخاصةً في أزمنة الشدائد، وهب أنك عشت حياتك في سرور لا ينتهي، ونعيم لا يوصف، وقرة عينٍ لا تكاد تخطر على بال، فإن الموت لك بالمرصاد، وهو آتٍ لا محالة.