أفتحسب أنك تضر الله تعالى شيئاً إذا لم تسبح؟ إن الله عنده ملائكةٌ في السماوات يسبحونه.
أتدري كم عدد الملائكة في السماء؟ الله أعلم.
لكن خذ نموذجاً واحداً فقط: في السماء السابعة البيت المعمور، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه إلى يوم القيامة، كما في صحيح مسلم، فهم يدخلون مرةً واحدة فقط، يومياً سبعون ألف ملك، واحسب من بداية الدنيا إلى يوم القيامة، واضربها في سبعين ألف، فهؤلاء الملائكة الذين يدخلون البيت المعمور.
وفي صحيح مسلم أيضاً عن أبي ذر يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {أطَّت السماء} والأطيط: هو أزيز الرحل بالراكب، فإذا ثقل عليها الحمل صار له أزيز من ثقل ما فوقه، كذلك السماء لها أزيز من ثقل من فوقها من الملائكة: {ما فيها موضع أربعة أصابع إلا وفيه ملك واضعٌ جبهته لله عز وجل راكعُُ، أو ساجدُُ، أو قائم!!} أهل السماء الأولى يقولون: سبحان ذي الجبروت والملكوت! وأهل السماء الثانية يقولون: سبحان ذي الملك والملكوت، وأهل السماء الثالثة يقولون: سبحان الحي الذي لا يموت.
وهكذا، خلق لا يحصيهم إلا الله عز وجل، هؤلاء ليس لهم وظيفة إلا التسبيح لله، وذكر الله، وتعظيم الله، والعبودية المطلقة لله تعالى، فماذا يضر إذا أنفلت إنسان من هذا الموكب وكفر بالله، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج:18] فمن الناس من يسبح الله عز وجل ويحمده ويشكره، فهذا مشى في هذا الموكب الكريم وأطاع الله تعالى، وآخرون لا يسبحون الله فحق عليهم العذاب وأهانهم رب العالمين، قال الله تعالى: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج:18] فهل أنت تتعبد لربك بالثناء عليه؟ وهل أنت تعبد الله تعالى بمدحه والثناء عليه أم لا؟ فإذا قلت: الله غني، نعم هو غني سبحانه؛ لكن أنت المستفيد، فأنت المستفيد لأنك تؤدي بعض شكر نعمة الله، وتؤدي بعض الجميل، مع أنك لا تستطيع أن تقوم بأداء نعمة الله تعالى.
والله لو ضللت عمرك كله من يوم أن وعيت إلى أن تموت وأنت في سجدةٍ واحدةٍ لله وفي صلاةٍ وذكرٍ وتسبيح فإن هذا لا يؤدي شيئاً يُذْكَر من شكر نعمة الله تعالى.