حكم الحجامة في نهار رمضان

الرابعة عشرة: أما بالنسبة للحجامة: فقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الحجامة تفطر الصائم، ونقل هذا عن جماعة من الصحابة وهو مذهب ابن عباس رضي الله عنه وغيره، وقال به الإمام أحمد رحمه الله، وجماعة من الأئمة والسلف، ومن أقوى أدلتهم قوله صلى الله عليه وسلم: {أفطر الحاجم والمحجوم} وذهب جمهور أهل العلم وهو مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وجماعة قبلهم من الصحابة والتابعين، منهم أبو سعيد الخدري رضي الله عنه وعبد الله بن مسعود وأم سلمة، وجماعة من التابعين كـ عروة بن الزبير وسعيد بن جبير والثوري وغيرهم، فإن هؤلاء يرون أن الحجامة لا تفطر الصائم، وأن قوله صلى الله عليه وسلم: {أفطر الحاجم والمحجوم} منسوخ بأدلة كثيرة، قوية، منها الحديث الذي في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: {أحتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم} ومثله حديث أبي سعيد الخدري: {أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص في الحجامة للصائم} وقوله رضي الله عنه: أرخص في الحجامة دليلٌ على أن هذا الحكم كان قبله منع، فإن الرخصة تكون بعد عزيمة، وبعد منعٍ، فالظاهر -والله أعلم- أن الحجامة لا تفطر الصائم، وعلى الإنسان ألا يحتجم في نهار رمضان من أجل الخروج من الخلاف، وإبراء الذمة واطمئنان القلب، فإنه لا حرج عليه قط عند أحد من أهل العلم أن يؤخر الحجامة إن احتاج إليها إلى الليل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015