ثامناً: وكذلك من المسائل: مسألة المريض الذي أصابه مرضٌ لا يُرجى برؤه، مثل ما يسمى بالجلطة -مثلاً- أو السرطان، أو التليف، أو ما أشبه ذلك من الأمراض الشديدة التي يغلب على من أصيب بها ألا يشفى أو يعافى منها، إلا في حالات نادرة، فما حكم هذا الإنسان وهو لا يستطيع الصيام، أو نصحه الأطباء بعدم الصيام؛ لأن الصوم يزيد في مرضه؟! فهذا الإنسان يفطر، ويطعم عن كل يوم مسكيناً، نصف صاعٍ من برٍ أو أرز أو نحوهما، سواء أطعم في اليوم نفسه، أو أطعم بعد انتهاء رمضان، وكل ذلك جائز، ولا يضره.
ولا يضره -أيضاً- أن يكرر الإطعام لمساكين بأعيانهم، بمعنى أنه أطعم مجموعة من المساكين للأسبوع الأول، ثم في الأسبوع الثاني أعاد الصدقة والكفارة عليهم هم أيضاً، فهذا لا مانع منه ولا يضره، وليست مثل كفارة اليمين، فإن كفارة اليمين لابد فيها من إطعام عشرة مساكين، كما ذكر الله تعالى في كتابه: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة:89] فبالنسبة لكفارة اليمين، لابد من إطعام عشرة مساكين، فلو أطعم تسعة، لم يكمل الكفارة بأكملها بل لا بد أن يبحث عن عاشر غيرهم ويطعمهم، أما بالنسبة لكفارة الصيام، فلو أعادها على مساكين، وكررها عليهم، فإن ذلك لا يضره شيئاً.