العلم الشرعي للداعية

Q هل العلم الشرعي مهم للداعية قبل البدء في الدعوة؟ إذ يوجد بعض الإخوة -هداهم الله- يربون أفرادهم على الحماس، دون علم شرعي؟

صلى الله عليه وسلم هذه من القضايا التي يخفى أمرها على كثير من الشباب، فنحن نقول: العلم الشرعي شرط لئلا تدعو إلى شيء لا تعلمه، فغير صحيح أن تدعو إلى أمر وأنت لا تعلم هل هو مشروع أو غير مشروع، أهو حلال أم حرام، مستحب أم مكروه، فهذا لا يصلح، فلا تدعُ إلى أمر إلا وأنت تعرف أنه مطلوب، ولا تنهى عن منكر، إلا وأنت تعرف أنه منكر فعلاً، فمن أول وأهم شروط الداعية العلم بما يدعو إليه، لكن ليس شرطاً أنك لا تدعو إلا بعد أن تصبح علامة زمانه، وفريد عصره، ووحيد دهره، فهذا ليس شرطاً وهذا لا يمكن أن يكون لأحد، وقد لا يتيسر لك ولا لكثير من أمثالك، والرسول عليه السلام يقول: {بلغوا عني ولو آية} .

فإذا عرفت شيئاً ادع إليه، لكن لا تدع إلى ما لم تعلم، فتقول: أنا داعية، فتصبح تتكلم في كل شيء، لأنه -مع الأسف- بعض الناس لا يفرقون، فيتكلم في كل شيء، فإن سألته في الفقه أجاب! وإن سألته في الحديث أجاب! وإن سألته في الشعر أجاب! وإن سألته في التوحيد أجاب! وإن سألته في الاجتماع أو الاقتصاد أو السياسة أو أوضاع العالم، كأنه موسوعة، وهذا لا يكون إلا لأفراد قلائل من الناس، وإنما ممكن أن أعد موضوعاً وأجهزه وألقيه أحسن ما يكون، ولكن حين تسألني عن موضوع آخر أقول: أنا لا أعلم، اسألوا أهل الذكر، واسأل العلماء، وإذا لم تستطع فأنا أسأل، وليس هناك حرج في هذا، أما أن أقول: لا أدعو إلا بعد أن أتعلم، فمتى أتعلم؟! وبالعكس أنا ألاحظ نقطة مهمة أيها الإخوة! وكنت أحذر منها بعض طلاب العلم، ورأيتهم وقعوا فيها، فالإنسان الذي يقول: أتفرغ لطلب العلم حتى أحصل منه على شيء كثير، وبعد فترة لما يكبر يكون قد تعود على معاشرة الكتب، ومجالستها، والعيش بينها، فلا يطيق فراقها، فإن قيل له: هذا درس، هذه محاضرة اعتذر منه، وإذا جُر بالقوة جاء للناس مرة فتكلم، فشعر بشيء في قلبه، وشعر بشيء من الوحشة من الناس، لأنه لم يتعود، قال: الكتب ممتازة، والكتب مريحة، ولذلك ربما يبدأ، ثم ينقطع لأنه لم يتعود على الدعوة، فمن المهم أن طالب العلم يتعود على الدعوة من خلال أنه إذا حصّل شيء يوصله للناس، وتعرفون أنتم موضوع الزكاة، فالآن عندما يكون عندك مبلغ من المال، نقول: أخرج زكاته، وعندك مقدار من العلم، فأخرج زكاته، لكن إذا كثر مالك فالزكاة المطلوبة منك أكثر، أي تتناسب طردياً مع كثرة المال الموجود عندك، أما إذا كنت ليس عندك نصاب فالزكاة ساقطة عنك، فإنسان يقول: لا أعرف شيئاً فهذا نقول له: لا تعلم إذاً فمن هو المسلم الذي لا يعرف شيئاً؟! فهذا يعرف الوضوء، يعرف الصلاة فعليه أن يعلمها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015