الجهاد الأفغاني

Q هذه أسئلة عن أفغانستان يقول: الجهاد في أفغانستان، وفي الفلبين، وفي فلسطين قبلة المسلمين الأولى فرض عين -الأخ أفتى بأنه فرض عين، وهذا حسب وجهة نظره- لأنه لا يزال العدو في بلاد المسلمين، وبذلك يجب على كل مسلم أن يخرج للجهاد دون إذن أبيه أو أمه، وهذا فيه إجابة لقوله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً} [التوبة:41] وهذه فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز؟

صلى الله عليه وسلم هذا الأخ وَهِمَ، فهذه ليست فتوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ولا غيره من علمائنا، بل علماؤنا في المملكة خاصة -حسب ما أعلم- متفقون على أنه لا يجوز الخروج للجهاد في أفغانستان، ولا في غيرها من بلاد المسلمين الآن، إلا بإذن الأبوين، وهذه فتوى ثابتة عنهم ومكتوبة في أوراق ومسموعة في أشرطة، وسمعتها منهم مشافهة أيضاً.

أما مسألة أن الجهاد فرض عين، فهذه كلمة يجب التفصيل فيها، وأنا مع الأخ أن الجهاد فرض عين، لكن ما هو الجهاد الذي هو فرض عين؟ الجهاد بالاصطلاح الشرعي ففرض عين، فرض عين أن تجاهد نفسك في ذات الله تعالى، والمجاهد، كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: {المجاهد من جاهد نفسه في ذات الله} والمشاركة في الجهاد بأي صورة من الصور، مساعدة المسلمين، إعانتهم بالمال، والدعاء، بتبني قضيتهم إعلامياً، بالدفاع عنهم، بالمساعدة بالنفس، إن كنت تغني عنهم، هذا كله صحيح.

ولذلك أقول أيها الإخوة: طبيب يريد أن يذهب للتمريض حبذا وحيَّ هلا، وينبغي أن يذهب عاجلاً، غير آجل.

وإنسان خبير عسكري، يقول: أستطيع أن أنظم صفوف المجاهدين وأنفعهم، وربما أقوم بما لا يقوم به غيري، نقول له: هلم الليلة قبل الغد، داعية، معلم، طالب علم يقول: أريد أن أنشر بينهم الخير، والعلم، والاستقامة، والصلاح، وأصحح الأخطاء الموجودة عندهم، نقول: هلم الآن قبل فوات الأوان.

لكن شاب قد لا يغني وقد لا ينفع، نقول: هل هناك فعلاً حاجه إليك أنت شخصياً في الجهاد؟! لا أعتقد أن هناك حاجة له، بل بالعكس أنا سمعت شفهياً من عدد من قادة الجهاد، أنهم يحتاجون إلى المال أكثر مما يحتاجون إلى الرجال، ويمكن قيمة التذكرة التي سوف تسافر بها تنفع أكثر، وأنت اجلس جاهد في موقعك، لأن الجهاد كما قال الأخ السائل: في جميع بلاد المسلمين، وهذه من بلاد المسلمين، وهناك بلاد للمسلمين كثيرة فيها لا أقول: كفار، بل فيها منافقون، يحاولون هدم الإسلام، ويحاولون تخريب البيوت، ويحاولون تلويث البيئة، ونشر الفساد، فهل ننتظر في كل بلد إسلامي حتى يحتله العدو، ويصبح مثل أفغانستان ثم نجاهد، لماذا لا نجاهد بالحماية وبالوقاية؟ وقاية بلاد المسلمين من أذى الأعداء الظاهرين، والمستترين، خاصة جهاد المنافقين، فحين نقول: الجهاد فرض عين، أقول: صحيح، لكن الجهاد بشكل أعم جهاد النفس، جهاد الكفار، جهاد المنافقين، هذا يعني في المجمل هو فرض عين: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة:73] .

بل إن جهاد المنافقين -أحياناً- قد يكون أعظم وأخطر من جهاد الكفار، لأنه عدو مستتر يحتاج إلى قوة، ومقاومة، وكشف، وتعرية، أما الجهاد في أفغانستان، وفي الفلبين، وفي فلسطين، فنحمد الله تعالى، أن في هذه المواقع وفي غيرها رايات إسلامية مرفوعة، نعتقد -إن شاء الله- أنها رايات صادقة، ففي أفغانستان عدد من الأحزاب الإسلامية الموثوقة، وفي فلسطين عدد من الجهات الإسلامية، وفي الفلبين كذلك جهات إسلامية صادقة موثوقة، تتبنى الجهاد في سبيل الله، وتحيي ما اندرس من أمر الإسلام، لأن الناس يوماً من الأيام، كادوا أن ينسوا هذه الفريضة الغائبة والشعيرة العظيمة، فلما قام الجهاد في هذه المواقع ألهبت الحماس في نفوس المسلمين، وحركت الهمم، وبينت للناس أن الجهاد كما أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام: {الجهاد ماض إلى يوم القيامة} ولا يمكن أن يتوقف بحال من الأحوال، فجددوا ما اندرس من أمر هذا الدين، وأحيوا في نفوس المسلمين أهمية هذه الشعيرة، والشريعة، والفريضة، وكفاهم ذلك فخراً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015