جهاز ثالث، وهو من الخطورة بمكان وهو: قضية الهاتف، أي بيت اليوم، بل أي غرفة في بيت لا تخلو من هذا الهاتف، فكيف يستخدم هذا الهاتف؟ المؤسف -أيها الإخوة- أن عدداً ممن لا يخافون من الله عز وجل، قد يستخدمون هذا الهاتف بصورة سيئة، وليس سراً أن نقول: إن كل جريمة وأقول هذا الكلام من واقع معرفة ومن واقع سماع من بعض الإخوة العاملين في هذه المجالات -أن كل جريمة في المجتمع، فالهاتف وسيط فيها، في أحد مراحلها إما في البداية وإما في الوسط، أو في النهاية، وكل لقاء بين اثنين كان بدايته الهاتف، وكيف تم الأمر؟! الأمر في ذلك بسيط، شاب يعبث في الأرقام، ويتصل -أحياناً- يجد فتاة مثله ليس له ولا لها هدف، والهدف من ذلك هو قضاء وقت الفراغ، وهذه هي البداية، ولا يزال الأمر يتدرج من التسلية وقضاء وقت الفراغ، إلى اللقاء، وإلى معرفة الاسم، وإلى اللقاء مرة أخرى، إلى ارتكاب الحرام، كما قال الأول: نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء سلسلة يجر بعضها بعض.
أحياناً قد يكون الشاب يعرف البيت لأنه بيت صديق، وأحد زملائه في هذا البيت، ويعرف أن في هذا البيت أخوات لصديقه، فيقوم يتصل أين فلان؟ فيقولون: غير موجود، فيقول: قولوا له فلان اتصل بك، وقد يعطي اسماً غير صحيح حتى يوجد نوعاً من الطمأنينة عند من يكلمهم، وبعد ذلك يتدرج في الحديث، متى يأتي؟ أين ذهب؟ ويسأل عن بعض أموره الخاصة، حتى يوجد أرضية مناسبة.
وأقول لكم: أنا مطلع على بعض الأشياء من هذا القبيل، ورأيتها بعيني وأوقفت عليها بنفسي، ومن خلال تدرج وخداع، ولم يكن الأمر مقصوداً من الطرفين، لكن أحياناً يصل إلى نهاية بائسة، بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.
فالهاتف من أخطر الأجهزة، وبعض الناس يقول لك: أنا ليس أمامي إلا أن أضع جهاز تصنت، وأشتري المسجل الذي يباع ويسجل المكالمات، بمجرد ما ترفع السماعة يتحرك جهاز التسجيل، فيقول أتصنت على المكالمات، وأنا لا أقول: إن هذا غير صحيح، لكن يمكن أن تستخدمه في وقت الحاجة، إذا وجد عندك قرائن قوية على أن هناك أمراً يدار في الخفاء، أما الأصل فليس كذلك، فالأصل هو أن تحرص على التربية والتوجيه، وعلى أن تراقب الجهاز مراقبة صحيحة، وعلى توجيه الإخوة والأخوات إلى الخطر الذي يداهمهم من خلال سوء استخدام هذا الجهاز.