لكن السؤال المهم: ما هي الخطوة الأولى لهذا الهدف الكبير؟ هدف بناء الإسلام، وإقامة الإسلام، ونشر الإسلام في الدنيا كلها، ما هي الخطوة الأولى؟ وهناك مثل صيني يقول: رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة، فما هي الخطوة الواحدة؟ أقول: الخطوة الواحدة، بعد إيجاد الداعية: هي البيت، ومن المؤسف أن تجد بعض الشباب، وبعض الفتيات الذين يطمعون في تغيير الدنيا -كل الدنيا- عاجزين عن تغيير بيوتهم، فمن عجز عن حمل هذه الأمانة القليلة، كيف يستطيع أن يحمل الأمانة العظمى؟ هذا لا يكون.
ولذلك نجد أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانت تنفعل نفوسهم بأحلام، وتطلعات انتصار الإسلام، أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وسلمان، وبلال، وعمار، وصهيب، يوم كانوا في مكة تحت التعذيب، والإيذاء، والتكذيب، والسخرية، كانوا يتوقعون ذلك اليوم الذي ترفع فيه كلمة لا إله إلا الله، ولذلك صبروا وصابروا؛ حتى رزقهم الله تعالى النصر، ومكَّن لهم في الأرض.
فكانوا يعرفون أن انتصار الإسلام يمر من خلال بيوتهم، ولذلك خذ أبا بكر -مثلاً- أبو بكر من أولاده؟! أولاد أبي بكر في ضمن قافلة الإسلام، حيث كانوا من المؤمنين بالرسول صلى الله عليه وسلم، والمجاهدين في سبيل الله، وأنتم تعرفون دور أبنائه في قضية الهجرة وبناته أيضاً، وخذ عمر لما أسلم، عمر أولاده من أكبرهم، وأكثرهم شهرة؟ عبد الله بن عمر الذي رُشِّح للخلافة رضي الله عنه بعد عهد الخلفاء الراشدين، وعلي بن أبي طالب أولاده الحسن والحسين، وأمثالهم من المؤمنين الصالحين الذين أراقوا دمائهم طاهرة زكية؛ لترتفع لا إله إلا الله، وخذ الزبير من أولاده؟ عبد الله بن الزبير، وأمثاله من الرجال الصالحين الصادقين الذين تربوا على الإسلام، وضحوا في سبيل الإسلام، وهكذا بقية البيوت -بيوتات الصحابة- كان كل بيت محضن للتربية، كل واحد من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم خرج لنا مجموعة من الشباب المؤمنين المجاهدين، ومن خلال هذه الأعداد التي تخرجت من البيوت تكون جيش الإسلام، وتحقق انتصار الإسلام، وجاء وعد الله تعالى بالنصر والتمكين.