إخوتي الكرام: الإسلام جعل للبيوت هذه الكرامة، وهذه المكانة، ومن ذلك وجوب التوجه إلى البيوت بالدعوة إلى الله تعالى، ولو نجحنا في إقناع الناس بالاهتمام ببيوتهم، وتوجيه الدعوة إليها، فإننا سنجد أمراً عجيباً.
إخوتي الكرام: إن أكبر دولة، وأقوى دولة، وأغنى دولة، لو أرادت أن تجند دعاة لأي مذهب أو لمبدأ الإسلام أو أي دين آخر، ولو مبدأ آخر، ممكن أن تجند ألف أو ألفين أو ثلاثة آلاف داعية، خذ على سبيل المثال: هذا البلد الذي نحن فيه الآن: لو أردنا تجنيد دعاة على أحسن الأحوال -وهذا أمر أعتبره ضرباً من الخيال لكن جدلاً- ممكن أن تجند ثلاثمائة داعية في هذا البلد، وهذا أمر كلكم توافقون على أنه ضرب من الوهم، لكن لنفرض هذا جدلاً، لكن ما الذي يحدث لو استطعنا أن نقنع كل شاب، وكل إنسان متدين، بأن يقوم بدور الدعوة في منزله؟ الذي يحدث أننا جندنا ألوفاً من الشباب، يقوموا بمهمة الدعوة، فهذا أمر، وهو بدون مرتب -أيضاً- بل أجر من الله تعالى.
الأمر الآخر: لو أنك جندت دعاة يستطيعون أن يقتحموا البيوت، فالداعية يخاطب الناس في المسجد، أو في المركز، أو في النادي، لكن لا يستطيع أن يقتحم بيوت الناس ليخاطبهم وهم في قعر بيوتهم، ولو فرض جدلاً أن الداعية استطاع أن يقتحم بيوت الناس، فإنه لا يملك من وسائل التأثير والقوة ما يملكه الشاب، أو تملكه الفتاة في بيتها، ففي البيت أنت عنصر من عناصر تكوين المنزل، فهذا أبوك، وهذه أمك، وهذا أخوك، وهذه أختك، وهذه زوجتك، وهذا طفلك وولدك، فأنت ترتبط معهم بوشائج وروابط من ارتباط العائلة، والأسرة، والنسب، والمعرفة، والتاريخ، قوية وكبيرة تستطيع من خلالها أن تفعل في هذا البيت مالا يستطيع أن يفعله غيرك بحال من الأحوال.
إخوتي الكرام: ومن يتصور أن أي مسلم في الدنيا، ينتظر أن يأتي داعية يدخل بيته؛ ليصلح أخته، أو زوجته، أو أمه، أو أباه، هذا لا يتصور بحال من الأحوال.