تعميم: هذا أيضاً عبارة عن تعميم وزع على جميع المدارس الحكومية، بل على جميع المدرسين، وربما لأول مرة، وخلاصة التعميم يتحدث عن موضوع المناهج الدراسية، وينفي ما نقله مجموعة من طلبة العلم والمشايخ، وعلى رأسهم فضيلة الشيخ سفر بن عبد الرحمن الحوالي في أحد لقاءاته العلمية عن موضوع تعديل المناهج، ويقول: إن الحديث بتلك الطريقة قد أحدث بلبلة لدى من ينخدعون بالأحاديث المثيرة.
وإذا أحسنَّا الظن بهذا المتحدث، فإنه على ما يبدو قد بنى معلوماته على مصادر غير موثوقة، وكان حرياً به أن يتصل بالمسئولين، ثم يقول: أولاً: المرحلة الابتدائية: لقد رأت الوزارة سيراً على سياستها أن في كتب المرحلة الابتدائية ما لا ينسجم مع مفردات المنهج، أو مع مدارك التلاميذ في هذه المرحلة، فقامت بتخفيض دروس بعض الكتب، أو بإعادة كتابتها بطريقة مختصرة خاصة الرياضيات والعلوم والجغرافيا والتاريخ وقواعد اللغة، وبذلك يتضح عدم صحة قول من قال بأن الرياضيات مثلاً قد ضخمت.
والرياضيات لا شك أن الجميع يعلمون أنها ضخمة، وكلنا لنا أولاد في المدارس، فنعرف أن الطالب يحمل كتاب الرياضيات تعد صفحاته بالمئات على حين أن المقرر الديني يكون عبارة عن بضع صفحات.
وقال في التقرير: لم يتم بعد تخفيض، أو تعديل شيء من كتب المواد الشرعية.
وأنا سوف أقتصر في التعليق على هذه النقطة، فإن هذه الكلمة بالذات كلمة أمينة في التقرير، حيث يقول: لم يتم بعد تخفيض أو تعديل شيء من كتب المواد الشرعية، بل اقترح ذلك اقتراحاً، إن الكلام الذي تحدث به الشيخ سفر بن عبد الرحمن الحوالي كلامه هو عندي وعند الكثيرين ممن يطلعون على حقائق الأمور، ومن مصادر موثوقة أيضاً.
لكن نحن جميعاً نعلم أنه فعلاً لم يتم هذا التعديل بعد، ولو تم التعديل لربما لم يكن للحديث كبير فائدة، وربما كان الحديث بعد فوات الأوان، ولذلك سارع الشيخ جزاه الله خيراً إلى سبق الأحداث بذلك الحديث حتى يحول بين هذا التعديل وبين أن يتحول إلى واقع وإلى كتب مطبوعة موزعة، فإن في تلك اللحظة سيصعب التراجع، وسيقال: هذه كتب طبعت، وطبعت بمئات الآلاف، ووزعت على المدارس واستلمها الطلاب، فتعديلها حينئذٍ صعب، وفيه أيضاً نوع من الإرباك، وقد يعطي الآخرين انطباعاً أن السياسة التعليمية غير منضبطة، وأنها مرتجلة إلى غير ذلك من الوسائل والحيل والعلل.
إذاً كان هناك تعديل، وكان هناك تخطيط لأن يتم، بل لا أذيعكم سراً إذا قلت: إن الكتب التي جرى عليها التعديل بالقلم موجودة عندي وموجودة عند الشيخ سفر، وموجودة عند بعضكم، وقد تم التعديل عليها على أعلى المستويات في الوزارة، وحذف منها أشياء كثيرة وبعناية، وخفضت بشكل ملفت للأنظار، وحذف منها أشياء من الواضح أنها حذفت مسايرةً للسياسة لسياسة ما يسمى بالتطبيع والسلام مع العدو اليهودي في فلسطين-.
بل وفي مقرر التاريخ والجغرافيا حذف أشياء حتى في الكتب المطبوعة التي تتعلق بالجهاد، أو تتعلق بفلسطين، أو تتعلق باغتصاب هذه الدولة وهذه الأرض المباركة من المسلمين على يد اليهود، هذا كله موجود، نعم لم يتحول ذلك بالضرورة إلى كتب مطبوعة، لأن ذلك أمر كان، ما زال خطة يسعى إليها، والحمد لله يعجبني في هذا التقرير أن يقولوا: إنهم ليس لديهم نية للتغيير.
فنحن والحمد لله إذاً حصلنا على وعد، وبغض النظر عن أي شيء آخر، فنحن نرجو أن نكون حصلنا على وعد صريح استلمه كل مدرس من الوزارة بأنه ليس هناك أي حذف للمواد الشرعية، فعلينا أن نتمسك بهذا الوعد، وأن نحرص عليه، وأن نتابع الأمور بدقة وعناية، وأن نحرص على محاسبة جهات تعديل المناهج أولاً بأول على وفق الوعد الذي قطعوه على أنفسهم وعمموه وشهدوا به حينما وزعوا مثل هذا التعهد على كل مدرس وكل عامل في الوزارة.
هذا هو الذي يهمني، أما أعراضنا، أو أشخاصنا، فلا يضيرنا أن يقول فيها أحد ما قال باجتهاد أو بغير اجتهاد، ونقول: فداء لدين الله عز وجل وشريعته وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أنفسنا وأموالنا وأعراضنا وكل غالٍ ورخيصٍ مما نملك.