Q بالنسبة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أيضاً يرتبط في أذهان بعض الناس في هذا الزمن، بقضية إثارة الفتنة والخروج، فنريد أن توضح هذه النقطة أيضاً؟
صلى الله عليه وسلم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هو جزء من النصيحة، بل هو جزء لا يتجزأ من حياة الأمة ومقوماتها، قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران:110] بل إن الأمة في مجموعها! يجب ويتحتم عليها أن يوجد فيها فئة أو طائفة أو أمة تقوم بهذا الدور.
كما قال الله عز وجل: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران:104] فهو فرض على الأمة بالإجماع، إما فرض عين على الأفراد، وإما فرض كفاية على الأمة بمجموعها.
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يأخذ صوراً شتى، فقد يُنصح المنصوح سراً، وقد ينصح علانية، وقد ينصح بالقول، وقد ينصح بالفعل، وقد يؤمر باليد، أو باللسان، أو بغير ذلك من الوسائل التي ذكرها أهل العلم، وفصلوا فيها.
ولا يرتبط هذا بقضية الفتنة، بل إن الفتنة في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولهذا قال الله عز وجل: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} [التوبة:49] فالذي ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هو الذي وقع في الفتنة ودعا إليها، لأن الفتنة هي أن تترك الأمة مميزاتها ومقوماتها لتتحول من أمة مسلمة إلى أمة تأتي إلى الشرق والغرب، فتأخذ ما سقط من فتات موائدهم وحثالات أفكارهم، وتتلمذ على مناهجهم، وتتخلى عن سر تميزها وقوتها وبقائها، وهو إيمانها والتزامها بهذا المبدأ، الذي هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
لأن هذا معناه عندنا -وعند كل من يؤمن بالله ورسوله وما جاء به- أن الأمة تسير إلى الهاوية، وتسير إلى العذاب الأليم في الدنيا والآخرة.
فمن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ سلط الله عز وجل عليه من الآفات والمصائب- في المال وفي الاقتصاد وفي الاجتماع وفي الأمور المختلفة، وفي عدم إجابة الدعاء، وفي التفرق والتشتت، وفي التناحر الداخلي، وفي كثرة الآلام والمصائب والنكبات، وفي تسليط الأعداء الخارجيين- ما لا قبل لهم به.
والعاصم من هذا كله -بإذن الله تعالى- هو إحياء شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مهما كانت ثقيلة على النفوس.