Q ما دمنا تحدثنا عن الإيجابيات والسلبيات، فهناك من يرى أن بعض الدعاة يقعون في مشكلة تعميم الأمور، وحالياً يدور حديث كثير -مثلاً- في أزمة الخليج التي نعيشها حول هذه التعميمات.
فمثلاً يقولون: الشيخ سلمان العودة نفسه عمم في بعض الأحكام، وقال: إنه لن تقع حرب في منطقة الخليج، وقال: أبشر بطول سلامة يا مربع.
ومن مثل هذا الكلام، فنريد أن تبين للناس حقيقة هذا الأمر حتى يكونوا على بصيرة من الأمر؟
صلى الله عليه وسلم التعميم في الأحكام غالباً ما يجانبه الصواب، واللجوء إلى الدقة والتبصير يكون أقرب إلى الحق، لأن الإنسان يستطيع أن يميز بين بعض الأمور المتشابهة، وهذا أمر يقع لكثيرين في الماضي والحاضر، ولا غبار أنه يقع وأنه يجب تصحيحه.
أما فيما يتعلق بهذه الأزمة التي أشرت إليها، وما ذكره عني بعضهم، فأعتقد أنه يحتاج إلى توجيه عدة أمور: أولاً: هل فعلاً كان مرادي أن الحرب لن تقع؟ لم يكن هذا قصدي، بل: واضح من لهجتي وحديثي، بل السؤال الذي وجه أصلاً في المناسبة، حيث أن القضية كانت في مدى مشاركة أطراف معينة بالضبط في موضوع المقاومة الكويتية فكان هذا هو السؤال، وجاء الجواب بهذا الأمر.
أما وقوع حرب بين قوتين عظميين أو بين دولتين، فلم يكن هذا موضع السؤال قط، فهذه قضية توضع في الاعتبار، وفعلاً لم يقع من المقاومة الكويتية -التي كان الأخ يسأل عنها في حدود ما أذكر- مشاركة فعالة، أو دور، أو أنه كان لها أثر مباشر فيما جرى، على أنه لا ينكر أن لهم أدواراً إيجابية في جوانب أخرى.
الجانب الثاني: لنفترض أن هناك من الدعاة -سواءً أنا أو غيري، أو من المحللين- من قال: إنه لن تقع حرب، فلماذا نستعظم هذا الأمر؟ ألا ندري أن (60%) من المحللين الغربيين الذين هم مختصون في هذا الأمر، ويسهرون الليل ويتعبدون النهار في متابعة ما يجد، ومعرفة المرئيات والأبعاد؛ كانوا يتوقعون ألا تقع حرب، ويستبعدون وقوعها.
إذاً: ليس بغريب أن يقع في هذا التوقع غيره، بل ما المانع أن يتصور بعضهم أنه ربما حتى القائمون على مجريات الأحداث، والذين يرسمون خط سير الأحداث وفق ما يتصورون، قد تتغير وجهة نظرهم، ويتغير قرارهم بين الفينة والأخرى، بحسب ما يكون أمامهم من معطيات متجددة في الحدث، ومع التسليم بأن هذا قد يكون صدر من بعض الدعاة، إلا أنه لماذا نعتبر أن هذه قضية كبيرة أو غريبة أن تقع؟ لأن الداعية حين يتكلم لا يتكلم عن نص كتاب منزل ولا سنة محكمة، ولا شريعة ماضية، وإنما هي مرئيات في واقع معين، قد تصيب وقد تخطئ.
السؤال: نتوقع أشياء كثيرة منها: قضية النواحي الاقتصادية، حيث توقع خبراء اقتصاديون أن تصل قيمة برميل البترول إلى ثمانين وأكثر من ثمانين دولاراً، ولم يصل إلى النصف من هذا، فهذه توقعات لم تحصل، ولكن الناس دائماً تلفت نظرهم مثل هذه الأمور، وتحتاج إلى بيان؟ الجواب: لكني أعتبر أن هذا له جانب إيجابي في الواقع؛ لأن هذا يؤكد أن الناس يعتبرون أن الدعاة أن كلمتهم ذات قيمة، ولذلك قد يسمع كلمتهم العامي وغير المختص وغير المطلع، فلا يستطيع أن يدرك الأمر الذي أشرنا إليه.
فهذا يؤكد على أن كلمة الدعاة تسير بها الركبان شرقاً وغرباً، ويؤكد على أن الناس يأخذونها مأخذ الجد والاهتمام، ولهذا يستغربون أن يقع خلافها، فهذا جانب إيجابي ينظر إليه في الموضوع.