Q ما الذي يذهب الوسوسة حتى لا أقع في مصايد الشيطان، وهل يتوفى الشيطان في الدنيا أم لا؟
صلى الله عليه وسلم لا شك أنه يموت، فالشيطان طلب من الله كما حكى الله عنه في قوله: {قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الأعراف:14] فلم يجب الله دعاءه، ولم يقل إلى يوم يبعثون، لكن قال: {إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ} [الحجر:38] والشيطان يموت، والملائكة يموتون حتى ملك الموت يموت قبل يوم القيامة، ويبقى الله سبحانه، وهذا هو الشق الأول.
أما الشق الثاني: أعتقد أن موضوع الكلمة كله يتعلق بموضوع وسوسة الشيطان وإيراد بعض مصايده، والذي يظن أنه تمر به مرحلة خالصة من وسوسة الشيطان ومكائده فقد أخطأ، ولذلك قلنا: الشيطان يوسوس حتى وأنت على فراش الموت، والحرب سجال يوم لك ويوم عليك، فإذا قوي إيمانك وصحت نيتك غلبته.
وفي المناسبة أذكر قصة ذكرها الإمام ابن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس وهو من الكتب المفيدة في هذا المجال، مفيد جداً يقول: إن عابداً من العباد كانت في أيامه شجرة يعبدها الناس، فقام وأخذ فأسه وذهب إلى هذه الشجرة ليقطعها، فجاءه الشيطان، وقال له: أين تريد؟ قال: أريد الشجرة الفلانية لأقطعها، فحاول الشيطان أن يمنعه من ذلك، فقام هذا العابد وأخذ الشيطان وقعد عليه حتى صار الشيطان تحته، فقام العابد فلحقه الشيطان إلى الشجرة، فقال له: الشجرة تقطعها اليوم ثم تنبت من جديد ويعبدها الناس، ألا أدلك على خير من ذلك؟ قال: نعم، قال: اذهب إلى صومعتك، واجلس في عبادتك، وأنا أعطيك في كل يوم دينارين، تستغني بها عن الناس وعن الحاجة، وتتصدق أيضاً بها على الفقراء والمساكين، ففكر العابد فوجد الأمر مناسباً له، فقال: نعم، فرجع العابد إلى صومعته، ففي اليوم الأول جاءه بأربعة دنانير، وفي الثاني جاءه بدينارين، وفي الثالث جاءه بدينار واحد، وفي اليوم الرابع انقطع، فخرج العابد مغضباً، وحمل فأسه على كتفه، وفي هذه المرة خرج أكثر انفعالاً أكثر من الأولى، فقال له الشيطان: أين تريد؟ قال: إلى الشجرة لأقطعها، قال: هيهات لا تستطيع، فقام العابد يصارعه، فصرعه الشيطان، فقال العابد: الآن أستسلم لك، فأخبرني، قال: المرة الأولى خرجت من أجل الله فغلبتني، أما هذه المرة فلم تخرج من أجل الله فغلبتك.
فالإنسان يصارع الشيطان فيصرعه مرة، والشيطان يصرع الإنسان مرة، والإنسان يصرع الشيطان أخرى، لكن إذا خلصت النية فالله سبحانه يساعده ويعينه.