الإغراء بالمعاصي وترك الطاعات

فيبدأ بإغراء الإنسان بالمعاصي وترك الطاعات، فالإنسان الذي ما استجاب للشيطان في دعوته إياه إلى الشرك وإلى الكفر بالله، فيبدأ الشيطان يحاول مع الإنسان بالمعاصي وترك الطاعات، ويحاول يقنعه بألا يصلي، وألا يصوم، وألا يقرأ القرآن، ومع الأسف الشديد تجد أن أكثرنا في كثير من الأحيان قد يقع من حيث لا يشعر بهذا التثبيط، سبحان الله!! يا إخوة: الإنسان حينما يسمع -مثلاً- قصيدةً من القصائد الجميلة، أو كلمة أو يشاهد مشهداً من المشاهد، تجده مشدود الأعصاب مهتم يشعر بنشاط لهذا الأمر، لكن إذا أراد أن يقرأ القرآن، مع أن القرآن هو أبلغ الكلام وأعظم الكلام وخير الكلام، ويكفي أنه كلام رب العالمين سبحانه.

حينما يسمع القرآن تجد الإنسان يبدأ ينعس أحياناً، أو يتشاغل أحياناً، وهذه والله لو تأملناها لوجدناها غريبة فعلاً، ما الذي يجعل الإنسان هكذا، إنه كيد الشيطان ووسوسته للإنسان، فهو يغري للإنسان هنا بترك الطاعة.

فإذا عصا الإنسان الشيطان وفعل الطاعة، وصلى وصام وقرأ القرآن، لا ييأس الشيطان هنا، بل يأتي ويحاول أن يفسد عليه هذه الطاعة، يفسدها عليه بالرياء، ويفسدها عليه بالعجب.

الرياء: هو أن يعمل الطاعة من أجل الناس، ومن أجل أن يراه الناس، والعجب لا يكون كذلك، فربما فعل الطاعة لله وبنية خالصة، ولكن بعد ما فعل، أصابه الزهو والغرور والإعجاب بنفسه والعياذ بالله وصار يشعر أنه فلان بن فلان، فهذا يحبط عمله، والعياذ بالله.

ولذلك -أيها الإخوة- تجدون الغرور لا يسلم منه طائفة من الطوائف، كلها تصاب بالغرور، لكن غرور يناسب ما هي عليه، فالشيطان قد يدعو الإنسان إلى الغرور، إن كان جميلاً بجماله، وإن كان غنياً بماله، وإن كان فصيحاً فبلسنه وفصاحته، وإن كان عالماً أغراه بعلمه، وإن كان عابداً أغراه بعبادته، وكلكم تعرفون قصة الإسرائيلي الذي كان يعبد الله دهراً طويلاً، فذكر له رجل من الفساق المدمنين على المعاصي، فقال: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله عز وجل: {من ذا الذي يتألى عليّ ألا أغفر لفلان؟! لقد غفرت له وأدخلتك النار} أو كما ورد في الحديث القدسي.

فالذي دعا الإنسان إلى هذه الكلمة والعياذ بالله هو الغرور، ولذلك قال بعض السلف: لا يبلغ الإنسان حقيقة التواضع، إلا أن يرى لكل إنسان لقيه من المسلمين فضلاً عليه، لأنك حين ترى أنك خير من الناس، هنا تصاب بنوع من الغرور والعجب، وما أكثر ما يوجد هذا في طلاب العلم والعباد! ومن أسباب كثرة وجوده: أنهم آمنون من هذا الأمر، والمثل يقول: من مأمنه يؤتي الحذر، وقد يكونون يجاهدون الشيطان في المعاصي، أي: لو جاء الشيطان لإنسان عالم، وقال له: الزنى -عياذاً بالله- هذا العالم لا يفكر مجرد تفكير في الزنى، ويعتبره معصية، أو السرقة لا يفكر في هذه الأمور، أو جاءه يشككه في الجنة أو في النار، لا يمكن أن يستجيب لهذه القضايا، لأنه في حال من العبادة والزهد والورع مع الله سبحانه وتعالى، التي تجعل هذه الأمور بعيدة عنه كل البعد، ولكن يأتيه الشيطان فيقول له: الناس في نومهم وأنت تتعبد، الناس في لهوهم وأنت قائم أو راكع أو ساجد، أنت الذي حصَّلت من العلم كذا وكذا، وحصَّلت من العبادة كذا وكذا، ولا يزال به حتى يوقعه في العجب.

ولذلك من داء العباد العجب، فتجد العبد في المجلس يحرك شفتيه، لأنه لا يريد أن يجهر بالذكر حذراً من أن يكون مرائياً، فيحرك شفتيه، وينسى أن هذه أحبولة ذكية وخبيثة من أحابيل الشيطان، فهو يحرك شفتيه ليقول لمن حوله: انظروا إنني عابد، ومع أنني عابد فأنا بعيد عن الرياء ولا أجهر بعبادتي، بل بيني وبين نفسي حتى لا أفسدها بالرياء، وهذه نفسها وسيلة وكيد من كيد الشيطان، فهذا مدخل لطيف وذكي جداً من مداخل إبليس اللعين أعاذني الله وإياكم منه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015